م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. تأسست جامعة الدول العربية في (22 مارس 1945م).. أي قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية بإلقاء القنبلة الذرية على «هيروشيما ونجازاكي» في (6 و9 أغسطس 1945م).. أي أن هذا الكيان توحَّد مبكرًا وقبل اتجاه الحلفاء الغربيين أنفسهم إلى تكوين تحالفات مثل حلف (الكومونويلث) الذي غطى مستعمرات بريطانيا السابقة، أو (حلف شمال الأطلسي) الذي يغطي دول غرب أوروبا، ثم أتى بعدها (حلف الناتو)، وكلها تشكلت بعد (عام 1948م).
2. كون كل الدول المؤسسة للجامعة العربية آنذاك كانت تحت الاستعمار باستثناء السعودية جعلها اتحادًا ضعيفًا.. إلا أنها كانت تعد في ذلك التاريخ كتله مهمة لا أحد يعرف إلى أين ستسير وإلى أين ستصل.
3. قيام الثورة المصرية (عام 1952م) وتتابع الانقلابات العسكرية في بقية الدول الأعضاء في الجامعة باستثناء السعودية والأردن جعل من الجامعة كائنًا هشًا رغم استقلالها، تسيدت خلاله الولاءات الحزبية على الولاءات الوطنية.. لكن مع هذا لا تزال الجامعة وحتى اليوم هي الجهة الوحيدة الباقية التي تجمع العرب ولو شكليًا ولعلها تجمعهم يومًا ما فعلياً.. ولو لم يكن لجامعة الدول العربية سوى أنها حفزت الاتصال بين الدول العربية وعَوَّدَتها على التفكير في مشاكلها الإقليمية بشكل مشترك لكفاها.
4. يتفق الداعمون للقومية العربية مع الداعمين للأممية الإسلامية في أن الجامعة العربية ساهمت في تكبيل التنمية في الدول المنضمة للجامعة العربية وجعلها تتداعى فشلاً واحدة تلو الأخرى.. فمن خلال مساهمتها في إحياء القومية العربية أضعفت الدولة الإقليمية.. وباسم القومية تم اختطاف كل من انضوى تحت مظلة الجامعة العربية، وتوجيه خطابهم الفكري اتجاهاً خاطئاً، فسحب إخفاق إقليم واحد بقية الأقاليم إلى الإخفاق.. فقد فَجَّرت القومية العربية في حقبة الخمسينات والستينات الميلادية الأوضاع في معظم الدول العربية بانقلابات أتت بقيادات عسكرية إلى سدة الحكم.. وبدأت تظهر المزايدات والشعارات الغوغائية.. فتحولت نكبة فلسطين مثلاً إلى نكبة عربية عامة، أوقفت خلالها التنمية في كل الدول العربية تحت شعار «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة».
5. طرفة: عُقِد في الجامعة العربية اجتماع وزراء الخارجية العرب مطلع شهر (أكتوبر) الحالي، وأدان المجتمعون بالإجماع الهجوم الذي تعرَّض له شمال العراق من الطيران الإيراني، إلا مندوبة العراق وقفت ضد تلك الإدانة! فهل هذا الموقف يدعونا إلى إعادة النظر في استمرار بقاء جامعة الدول العربية؟ حتماً لا فهي الخيط الرفيع الوحيد المتبقي الذي يجمع العرب من المحيط إلى الخليج، فلماذا يراد قَطْعه الآن ولمصلحة من؟ أرجو ألا نقع في ذات الفخ الذي وقعت فيه مندوبة العراق.