د.حماد الثقفي
العالم العربي وخصوصًا الخليجي صنع حقبته السياسية التي وجهت موازين القوى العالمية لاسيما الغربية، منذ أن تولت الرؤية فيها، إستراتيجيات مدروسة منظمة وحالمة بالتغيير والإبداع الخلاق في شؤونها كافة، فلم تستطع القوى المُتربصة بها توريطها في حروب كحرب روسيا وأوكرانيا، أو انتهاكات لموازين القوى الاقتصادية خصوصًا التبعية النفطية وما قادته السعودية ودول أوبك + مؤخراً من تخفيض إنتاجها 2 مليون برميل، وما فعلته المملكة في أواخر 2019 وبداية الأزمة الكورونية ومتحوراتها كان سراً قد فتح باب (على بابا) العربي، ليرى العالم كنزهم المدفون ألا وهو العبقرية العربية لا سيما السعودية التي قاد رؤيتها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وكذلك أعقاب الجائحة وريادتها العالم في مساعدته الإنسانية بمساهمتها في عدالة توزيع للقاحات، بعدما كانت من أوائل الدول في إدارتها للأزمة، وسداد ديون الدول الفقيرة، لتقود السعودية القائدة حراكاً دبلوماسياً، أبهر العالم واضعاً مصالح شعوبه والأمة العربية في أولوياتها بسياسات خلاقة عادلة لم تعد قائمة على رد الفعل بل الفعل، كما فعلت أميركا ودول الغرب حينما خرج قرار دول أوبك + مجتمعة، لتتهم السعودية وحدها، حيث تسييس المواقف التي رفضت المملكة الرضوخ لها بتأجيل خفض النفط لشهر لصالح انتخابات بايدن الذي خرج خالي الوفاض من زياراته الخليجية، فكما تعمل هي لمصالحها، في المقابل تعمل بإنسانيتها المملكة بما يحصن جبهتها الشعبية داخلياً وخارجياً.
أنها بداية نظام عالمي جديد، يخرج نوره من أراض عربية تتجه إليها أنظار العالم قاطبة بأعمالها ومشاريعها التي هدفت للحياة ومن يعيش فيها دون إقصاء أو أنانية، يُمكنها جرهم لحروب أو غيرها كما صار بالحرب الروسية الأوكرانية التي وقعت فيها دول الغرب الذراع الأمامي لأميركا ونهجها الأحادي بالعالم، بينما يكيل الغرب بمكيالين فاقدة قوتها، بعدما استفردوا بالعالم إبان الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي، والتحكم بمصائر الدول وفرض شروطهم وسياساتهم التي نلنا منها نحن العرب نصيبنا خصوصاً ما يتعلق بالقضية الفلسطينية..
والآن وقد ظهر في الحرب الأوكرانية التي افتقدت الزعامات التاريخية، المواقف الخلاقة، ليبقى الأصل زعامة (العرب)، وهذه علامة بارزة في مسيرة التحولات التي شهدتها منطقتنا العربية، خصوصاً ما يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية والمبادئ ومفاهيم الإعلام الحر وفق مبادئ الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والتي ذهبت كلها أدراج الرياح لمواقف فردية جاهلة لإنسانيتها، والتي اتسمت بالتقلبات وفق الأهواء والمصالح الدولية، وصلت إلى التدخلات الفجة في شؤوننا الداخلية تحت شعارات مختلفة وواهية، ساعدت دول إرهابية على التنفس بها وإرهاب جيرانها العربية، فعقارب الساعة لا ولن تعود إلى الوراء.