كتب - عبدالعزيز الهدلق:
فتح قرار غرفة فض المنازعات بالفيفا بشأن قضية نادي النصر واللاعب عبدالرزاق حمدالله باباً واسعاً من التساؤلات حول كفاءة اللجان القضائية والعدلية في الاتحاد السعودي لكرة القدم ومدى قدرة هذه اللجان على التعاطي مع القضايا الرياضية والكروية التي تعرض عليها بالشكل الصحيح والسليم قانونياً، خصوصاً وأن كل المسؤولين في اتحاد الكرة السعودي يرددون دائماً بأن لوائحنا متطابقة مع لوائح الفيفا!! فقد أدان الفيفا نادي النصر في قضية فسخ العقد، التي من طرف نادي النصر وفرض عليه عقوبة بتعويض مالي. حدث هذا بعد أن كانت لجنة الاحتراف في الاتحاد السعودي لكرة القدم قد نظرت في القضية نفسها وبمعطياتها نفسها ودفوعاتها من الطرفين وأصدرت حزمة قرارات ضد نادي الاتحاد واللاعب حمدالله، وكذلك الإداريين حامد البلوي ومشعل السعيد، بالإيقاف والغرامات المالية، كما عوقب نادي الاتحاد بالمنع من التسجيل لفترة واحدة. حيث رأت اللجنة إدانتهم جميعاً في قضية فسخ نادي النصر العقد الاحترافي للاعب عبدالرزاق حمدالله، وأيدت وجهة النظر النصراوية بأن الاتحاديين قد حرضوا اللاعب عندما كان عقده سارياً مع النصر. وقد وضعنا قرار الفيفا وقرار لجنة الاحتراف السعودية أمام حالة من التناقض القانوني الصارخ. فكيف أدانت لجنة الاحتراف في الاتحاد السعودي لكرة القدم اللاعب والأطراف الاتحادية وعاقبتهم عقوبات مغلظة في حين جاء قرار الفيفا معاكساً له تماماً، فهو لم يدن اللاعب ولا نادي الاتحاد، بل أدان نادي النصر وعاقبه! ويبقى أحد الجوانب المؤسفة في القضية أن عقوبات نادي الاتحاد وحامد البلوي ومشعل السعيد ستبقى كما هي لأنهم أطراف سعودية، ذلك أن الفيفا ينظر في القضايا المحلية للطرف الأجنبي فقط! وهو هنا اللاعب عبدالرزاق حمدالله الذي أنقذه الفيفا من عقوبة إيقاف وغرامة مالية، وقبل ذلك أنقذ سمعته كلاعب محترف. حيث كان الجانب النصراوي يتهمه بالتفاوض مع نادٍ آخر خلال سريان عقده، كما اتهمه الإعلام النصراوي بأنه تواطؤ وتراخٍ في المباريات وبالأخص ضد الاتحاد!! وجاء قرار الفيفا ليبرئه من كل ذلك، ويعيد له اعتباره. وهذه البراءة أهم وأثمن لدى اللاعب حمدالله من المبلغ المالي الذي حكم به الفيفا لصالحه الذي يناهز 20 مليون ريال.
ومن ضمن أبواب التساؤل والحيرة التي فتحها قرار الفيفا لدى المتابع الرياضي السعودي، لماذا لم يرفع اتحاد الكرة السعودي شكوى نادي الهلال ضد مشاركة اللاعب التونسي حمدي النقاز مع الأهلي للفيفا أسوة بقضية اللاعب حمدالله كون النقاز طرفًا غير سعودي أيضاً! نحن اليوم أمام حالتين تصيب الشارع الرياضي السعودي بالحيرة، الأولى التباين في الإجراءات والتعامل بين قضية حمدالله وقضية النقاز، والثانية التضارب في الأحكام والقرارات بين الفيفا ولجنة الاحتراف السعودية. ولن تقودنا هذه التساؤلات والحيرة لمواطن الشك، وسوء الظن فهذه لها دهاليز مظلمة لن ندخلها، ونربأ باتحاد الكرة أن تكون لديه. ولكنها تضعنا مباشرة أمام حقائق صارخة بشأن كفاءة العناصر العاملة في اللجان المحلية. فقرار الفيفا لم يأت مقارباً لقرار لجنة الاحتراف السعودية مع فوارق بسيطة في الحكم والإدانة. بل جاء معاكسًا تماماً. فالبريء أمام لجنة الاحتراف تم إدانته أمام الفيفا. والمدان أمام لجنة لجنة الاحتراف حكم الفيفا ببراءته! فياترى بعد قرار الفيفا في قضية حمدالله ماذا سيكون القرار في قضايا أخرى لو أن الفيفا نظر فيها مثل قضية محمد كنو، وقضية حمدي النقاز، وكذلك قضية حقوق نادي الخليج التي حكم فيها لصالحه مركز التحكيم الرياضي وظهر بشأنها إشكالية حصول النصر على شهادة الكفاءة المالية، وغير ذلك.
ولو عدنا للوراء أكثر لتعاظمت القضايا وتكاثرت التي صدر بشأنها قرارات وأحكام لم تكن مقنعة، ولكنها فرضت بقوة اللجان المحلية وسلطاتها النافذة. وإذا كان حمدالله قد وجد الإنصاف من الفيفا، فلماذا تحرم الأطراف السعودية من أندية وإداريين ولاعبين من التمتع بالحق نفسه بعرض قضاياهم على الفيفا!؟ ونختم بما قاله سمو الأمير عبدالرحمن بن مساعد رئيس نادي الهلال الأسبق في لقاء متلفز عن سبب عدم تقديمه طلباً بتسجيل اللاعب خالد الغامدي رغم التوقيع معه، حيث قال بالنص: (لو جاءت لجان الفيفا لمدة أسبوع ومارست عمل لجان الاتحاد السعودي كنت قدمت العقد، لأني أثق أن النظام سينصفني، ولكن بعد الذي حدث في موضوع الجبرين ما عاد تضمن شيئًا)!! ودون الخوض في تفاصيل قضية الغامدي أو الجبرين، فالشاهد هنا هو حديث الأمير عبدالرحمن بن مساعد عن الثقة في لجان الفيفا وأن الإنصاف يأتي منها! وأنه لم يرفع طلبه بتسجيل اللاعب لأنه يعرف النتيجة مسبقاً من اللجان المحلية وفقاً لتجارب سابقة.