حائل - خاص بـ«الجزيرة»:
حثَّ فضيلة الشيخ الدكتور أحمد بن جزاع الرضيمان الذين يساهمون في دفع المال بطرق نظامية لإنقاذ القاتل من القصاص، أن يكملوا طيبتهم وتعاونهم وإسهامهم في إنقاذ حياة من أنهكه المرض وليس معه ما يكفي للعلاج، لاسيما ومؤنة ذلك ليست بشيء أمام الملايين المملينة التي يدفعونها، فليست حياة القاتل بأولى من حياة المريض الفقير، فكما تسببوا مشكورين في إنقاذ حياة القاتل التائب، فليتسببوا في إنقاذ حياة المريض الفقير، فكلها أنفس، وكلها فيها أجر لهم، إن كان دفع المال ابتغاء مرضاة الله.
وقال الدكتور أحمد الرضيمان في حديثه لـ»الجزيرة»: إنه من المتقرر شرعًا وعقلاً: خطورة قتل الأنفس المعصومة، وأنه من الموبقات، والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة كثيرة ومعلومة: منها قول الله تعالى {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}، وقول النبي عليه الصلاة والسلام: (لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم). كما أن من المتقرر شرعاً وعقلاً: فعل الأسباب التي تبعد عن جريمة القتل، ومنها: البعد عن الغضب وأسبابه، وأهمية كظم الغيظ، والدفع بالتي هي أحسن، قال تعالى: {..ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}، وقال تعالى: {..وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، وعن أَبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: لا تغضب، فردد مرارًا، قال لا تغضب) رواه البخاري، وعن سليمان بن صُرَدٍ -رضي الله عنه- قال: كنت جالسًا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ورجلان يَسْتَبَّانِ، وأحدهما قد احْمَرَّ وجْهُه، وانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنِّي لأعلم كلمة لو قالها لذهبَ عنه ما يجد، لو قال: أعُوذ بالله من الشَّيطان الرجيم، ذهبَ منه ما يَجد). فقالوا له: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (تَعَوَّذْ بالله من الشيطان الرجيم) متفق عليه.
واسترسل مفتي منطقة حائل في حديثه قائلاً: ما تقدم هو أمر معلوم، ونؤكد عليه، ولكن الشيطان والنفس الأمارة بالسوء، ربما تدفع بعض الناس إلى التهور، والوقوع في جريمة القتل، فيندم أشد الندم، وندمه هذا لا يمنع من إقامة حد القصاص عليه الذي حكم به القضاة، فيتدخل أهل الخير في دفع المبالغ المليونية لأولياء الدم لعلهم يعفون عنه، ولا يُلامون في ذلك، بل يؤجرون على ذلك إن كان العفو يؤدي إلى الإصلاح قال تعالى: {..فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}، وإن كان الأفضل عدم المبالغة بطلب الأموال الطائلة، ولست مع من يقول هذا قاتل مجرم لا يجوز الوقوف معه، لأن هذا القول مخالف لما جاء في كتاب الله من الندب إلى العفو، قال السعدي -رحمه الله قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ} فيه: ترقيق وحث على العفو إلى الدية، وأحسن من ذلك العفو مجانًا. أ.هـ، مشيراً إلى أن ذلك مخالف أيضاً للواقع فإن كثيراً من المطالبين بعدم العفو أو عدم الدية، لو مات قريب لهم، لدفعوا كل ما يملكون ولاستعانوا بكل قادر لإنقاذ ابنهم، ولا يلامون، كما أنه مما يؤسف أن كثيراً من الناس يصورون للناس أنهم حكماء، ويُنظِّرون إذا لم تكن القضية قضيتهم، فإن كانت القضية قضيتهم، تغيّر كلامهم.