المدينة المنورة - خاص بـ«الجزيرة»:
دعت دراسة علمية إلى ضرورة العناية بدراسة المبادئ القضائية السعودية، وإظهار مدى عنايتها بالاستمداد من أحكام الشريعة الإسلامية، سواء باختيار الآراء الفقهية الأقوى دليلاً والأقرب في تحقيق مقاصد الشارع والمكلفين، أو بإحداث أحكام قضائية جديدة في النوازل القضائية بما يتفق مع الأصول الشرعية، أو بالتوفيق بين نصين متعارضين بتخصيص أحدهما أو تقييده أو إعماله في وجه دون وجه ونحو ذلك من أوجه التوفيق بين النصوص المتعارضة.
وأكدت الدراسة البحثية المعنونة بـ: «أثر العادة والعرف في تفسير ألفاظ الواقف - دراسة فقهية تطبيقية على بعض الفروع الفقهية وأحد المبادئ القضائية السعودية-، للدكتور ماهر بن عبدالغني بن محمود الحربي أستاذ الفقه بكلية الحقوق بجامعة طيبة- بالمدينة المنورة، أكدت العناية بقواعد أصول الفقه الإسلامي والقواعد الفقهية المندرجة تحت قاعدة العادة محكمة في المجال التفسيري؛ لتفسير وفهم ألفاظ وخطاب العاقدين، وبالأخص ألفاظ الواقفين؛ إذ هي من أضبط القواعد في تفسير النصوص، وإعمالها في كلام الناس معتبر، موصية بأن تكون صياغة المبدأ القضائي محل الدراسة، بالنص التالي: توزع الغلة على ورثة الواقف نسباً بقدر إرثهم إذا لم يثبت شرط الواقف.
وأظهرت نتائج الدراسة البحثية على عناية علماء الشريعة الإسلامية بوضع قواعد وضوابط كلية تفسيرية، تساعد في فهم وتفسير ألفاظ الواقف، وضبط عمل المفسر بما يجنبه بإذن الله تعالى من الخطأ والزلل، وأن المبادئ القضائية السعودية تستند على أحكام الشريعة الإسلامية، وقد تتكون من رأي فقهي، كما هو المبدأ محل الدراسة، وهو الرأي الفقهي الأقوى دليلاً من بين آراء الفقهاء، والأقرب لتحقيق مقاصد الشارع ومقاصد المكلفين، وأن مطلق كلام الواقف يُحمل على عادته، وعرفه، الذي لا يخالف النص الشرعي، فإن لم يكن له عادة ولا عرف، فيحمل على المسمى الشرعي، وإلا فاللغوي، ويُخصص عموم لفظ الواقف بالعادة والعرف، ويقيد بهما، ويبين مجمله بهما، وأن يُرجع إلى العادة والعرف في تحديد وتقدير ما يقع عليه لفظ الواقف زمن عقد الوقف. وأبانت الدراسة على أنه إذا وقف على قوم؛ كفقهاء المدارس، وجُهِل المقدار المحدد من الغلة لكل واحد، فيُرجع إلى العرف لمعرفة مقدار ما يُعطون من الغلة، فإن لم يكن عرف فتُقسم الغلة بينهم بالسوية، وإذا عيَّن الواقف ناظراً ولم يذكر له أجرة، فيُعطى أجرة المثل، وإذا وقف على جيرانه، فيُحمل لفظه على مسمى الجيران في عرف الواقف، وإذا وقف ولم يسم مصرفاً، فتصرف الغلة على ورثة الواقف نسباً بقدر إرثهم، أما إذا وقف على عمارة المسجد، فتصرف على عمارته كبناء منارته أو إصلاحها، أو بناء منبره وإصلاحه، ولا تصرف في زخرفته ولافي نقشه ولا في تزيينه وتزويقه؛ للنهي عن ذلك، وإن جرى العرف بذلك فلا يعتبر لمخالفته النص، وإذا وقف على دُهن السراج للمسجد، فلا يسرج جميع الليل، إذا كان المسجد مغلقاً، ولا ينتفع به أحدٌ كمصلٍ، وإذا وقف على الأولاد، فيُحمل لفظه على الذكور والإناث من بنيه، والخنثى المشكل، وإذا وقف على البنين فيُحمل اللفظ على الذكور والإناث من بنيه، وإذا وقف على من لا يُحصون كبني هاشم، وبني تميم، فيُحمل على الذكور والإناث، وإذا وقف على أولاده وأولاد أولاده، فيحمل لفظ أولاد أولاده على ولد الابن دون ولد البنت إلا إذا دلت قرينة على دخولهم فيدخلون في الاستحقاق، وإذا وقف على ذريته وعقبه ونسله، فيُحمل على أولاد الذكور دون أولاد البنات إلا إذا دلت قرينة على دخولهم فيدخلون في الاستحقاق، وإذا وقف على الفقراء وأطلق فيُعطى الفقير كفايته وما يسد حاجته، أما إذا وقف الأثمان وأطلق فيُحمل على ما جرت به العادة والعرف في استعمال الأمان مع مراعاة ما يحفظ عينها من الهلاك وديمومة الانتفاع بها.