د.خالد بن محمد اليوسف
الأنظار تتجه إلى وزارة التعليم حيث يباشر عمله معالي وزير التعليم أ. يوسف البنيان، مهندس القطاع الخاص، الذي استطاع خلال مدة يسيرة أن يحول سابك إلى قطاع إستراتيجي حيوي لتكون مضرب مثل للقطاعين العام والخاص..
هذه برقيات عاجلة صاغتها خبرة عقدين في المجالين القانوني والأكاديمي، آمل أن يكون فيها ما يفيد قطاع التعليم العالي والجامعات..
1 - ثم أستهل العشر برقيات، بتساؤل مهم، هل يشترط أن تكون قيادات الوزارة من الأكاديميين؟
فليس شرطاً أن يكون الاختيار للقيادات العاملة معك في الوزارة محصوراً في الأكاديميين كما جرت العادة، ولكن لتكن الجدارة والكفاية والقدرة على تنفيذ السياسات العامة للدولة - حرسها الله - فيما يتعلق بالتعليم، وتحقيق مستهدفات رؤية سيدي سمو ولي العهد الأمين - حفظه الله 2030م -.
2 - الإسراع باستقلال قطاع الجامعات وحوكمة العمل فيها من خلال وضع الأنظمة واللوائح التي تضبط العمل العلمي والأكاديمي والإداري في هذه الجامعات مع الرقابة اللاحقة ليكون هذا القطاع قطاعاً منتجاً بجودة عالية علمياً ومالياً واستثمارياً لا مستهلكاً فقط.
3 - ليس شرطاً أيضاً أن تكون رئاسة الجامعات والمناصب القيادية فيها محصورة في الأكاديميين فقط، فالعمل الأصيل للأكاديمي هو إفادة الطلاب في قاعة الدراسة والإسهام بالأبحاث العلمية المتخصصة وتطويرها ولنا تجارب في قطاعات أخرى تولاها آخرون ممن لا ينتسب لها ونجحوا، كما أن جامعة هارفارد وهي أعرق الجامعات العالمية، رئيسها الحالي كان يعمل محامياً، وكمثال على وجود هدر علمي آمل طلب إحصائية بعدد المستشارين والمكلفين بالأعمال الإدارية من أعضاء هيئة التدريس في هذه الجامعات في مكاتب الرؤساء والوكلاء ومكاتب بعض العمداء ستجد أعدادًا هائلة مستترة تحت غطاء الاستشارات والأعمال الإدارية دون الاستفادة العلمية والبحثية من هذه الطاقات مما سبب عجزاً في بعض التخصصات أدى لاستمرار التعاقد من خارج الجامعة، وهذا هدر آخر لموارد الجامعة العلمية والمالية.
4 - لا زالت الجامعات الناشئة تحتاج للدعم والتطوير وقد يكون مناسباً النظر في تعزيزها بالاندماج لترشيد التخصصات المناظرة وتركيز وتجويد المصروفات، وذلك لتحقيق الأهداف ورفع الإنتاجية.
5 - التخصصات المكررة والضعيفة وغير المنتجة في الجامعات، تحتاج لوقفة مسؤول حازم يوقف هذا الهدر المالي والتعليمي.
6 - توسيع دراسة الأنظمة والقوانين، والنظر في إنشاء كليات قانون متخصصة، فمثلاً: في مدينة الرياض وهي العاصمة لا يوجد سوى كلية قانون حكومية واحدة.
7 - تحسين صرف المزايا والبدلات التي تصرف لأعضاء هيئة التدريس دعماً لهذا القطاع الحيوي الهام وذلك بتفعيل عمل اللجنة المختصة المشكلة الواردة في قرار مجلس الوزراء رقم 259 وتاريخ 1429/9/1هـ ومراجعة الضوابط الموضوعة سابقاً، بما يراعي تطور الأنظمة الجامعية، وساعات العمل المقررة لعضو هيئة التدريس، ومعايير الندرة، وشهادات التميز والاختراع، ومعايير الجامعات الناشئة…، وألايترك المجال في الصياغات القانونية لظهور الاجتهادات البشرية من قبل بعض مسؤولي الجامعات في جواز الصرف من عدمه مما أوجد بعض الفوارق في صرف هذه البدلات للتخصصات المتماثلة.
8 - العمل على إيجاد قيادات إدارية في الجامعات متوسطة وصغيرة، وتدريبها ورعايتها، لتكون على المدى البعيد أحد مصادر استقراراً لبيئات الأكاديمية وبعدها عن الصراعات من أجل الحصول على المناصب.
9 - تطوير الإدارات القانونية في الجامعات، خاصة أن ذلك يأتي تنفيذاً لما نصَّ عليه قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 713 وتاريخ1438/11/30هـ حيال أهمية تطوير الإدارات القانونية في جميع الوزارات والأجهزة الحكومية، فالإدارات القانونية في الجامعات هي الرئة التي تتنفس الجامعة من خلالها لضبط جميع أعمالها قانونياً، والترافع عنها قضائياً، وتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد وهي أعمال كبيرة ومتنوعة وشاقة وشائكة، ويمكن الإسهام بوضع تنظيم يساعد هذه الإدارات في التطوير مالياً وإدارياً ومعنوياً ودون تحميل ميزانية الجامعة مبالغ إضافية.
10 - من الأهمية القصوى تعزيز ما يتعلق بالأمن الفكري وألا يكتفى بمجرد إنشاء وحدات إدارية يجري العمل فيها بشكل روتيني بل يجب أن يتجاوز ذلك إلى الوصول إلى المحاضن التعليمية والقاعات الدراسية والالتقاء بالطلاب والطالبات، ووضع البرامج المناسبة للتحذير من الجماعات الضالة وأصحاب الفتن المارقين الذين يتسربون من خلال وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة للتلاعب بعقول أبنائنا الطلاب ومحاولة استقطابهم فكرياً لصالحهم وضرب أروع وحدة وطنية ولحمة بين الراعي والرعية عرفها التاريخ الحديث وذلك في بلادنا- حرسها الله-، فعلينا تطوير وسائلنا لمواجهة الباطل بالحق الساطع الناصع في أجواء آمنة فكرياً تأخذ بالوسائل الحديثة وتغذى علمياً وفكرياً وسلوكياً ومنهجياً بالعلماء الراسخين ورجالات الدولة المعروفين.
معالي وزيرنا الجديد هذه عشرة كاملة أطرحها أمام نظر وزارتك الموقرة، وأمام جميع القراء بغرض النظر والنقاش والإثراء لوزارة أضحت من أصعب الوزارات لكن كما قيل وبلسان الجميع وبلسان معالي الوزير: فصَعْبُ العلا في الصّعب وَالسهلُ في السهلِ.
** **
- أستاذ القانون الدولي بالمعهد العالي للقضاء