محمد بن علي بن عبدالله المسلم
يعتبر إطلاق الإستراتيجية الوطنية للصناعة التي أطلقها سمو ولي العهد بداية عهد جديد وانطلاقة للصناعة الوطنية نحو العالمية، ويتماشى القطاع الصناعي مع انطلاقات القطاعات التنموية الأخرى.
لقد انتظر القطاع الصناعي هذه الإستراتيجية منذ سنوات عدة، إن هذه الإستراتيجية من عمل فريق من جهات عدة ذات علاقة، فعمل الوزارات السابق المنفرد قد ولى في عهد سلمان وسمو ولي العهد والذي يتابع كل عمل شخصياً، كما يتابع كل مسئول لمحاسبته والتأكد من أنه الرجل المناسب في المكان المناسب وأنه حقق الأهداف المطلوبة لجهازه! وهو مبدأ إداري جديد لمحاسبة كل مسئول أولاً بأول في القطاعين العام والخاص وليته يضاف له أيضاً رضا متلقي الخدمة من عدمه في تقييم المسئولين كباراً وصغاراً وإلغاء التأثيرات الشخصية في التقويم، كما هو في نظام تقويم الموظفين السنوي (سابقاً).
برأيي المتواضع أن إطلاق هذه الإستراتيجية الصناعية يعدُّ الانطلاقة الثانية للصناعة الوطنية؛ الأولى كانت في السبعينات عند إنشاء أول وزارة للصناعة والكهرباء بالمملكة، وإنشاء الصندوق الصناعي ليقدم قروضاً ميسرة للصناعة، ولا ننسى أيضاً قروض صندوق الاستثمارات العامة (في ذلك الوقت) والتي كانت تمول أيضاً صناعة البتروكيماويات والحديد والصلب وغيرها من المشاريع الصناعية الضخمة، إضافة إلى مشاريع الكهرباء التي أسست نظاماً كهربائياً متقدماً وشمل أرجاء المملكة كافة، كما تم إنشاء المدن الصناعية لتقدم أراضٍ صناعية بأسعار رمزية، إضافة إلى الوقود والكهرباء.
وقبل أن أعود إلى الإستراتيجية الوطنية للصناعة أود الإشارة إلى قرارات مهمة صدرت في عهد الملك سلمان -حفظه الله- ألا وهو إنشاء وزارة الصناعة والثروة المعدنية عام 1440 هـ الموافق 2019، وأن يتولى معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية رئاسة الجهات ذات العلاقة بالصناعة ومنها الهيئة الملكية للجبيل وينبع، هيئة الصادرات، برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية وكذلك رئاسة مجلس إدارة هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية، كما أن الوزارة استصدرت برنامج (صنع في السعودية)، وهو برنامج برأيي يحتاج إلى تفعيل إعلامي لأهميته، وهو من أهم البرامج في تنمية الإنتاج الصناعية الوطني في العالم، كما لا ننسى أهمية المواصفات والمقاييس في التنمية الصناعية والمؤمل أن تعمل الوزارة بتكثيف جهودها بالتعاون مع هيئة المواصفات والمقاييس والجمارك كي لا يسمح بدخول منتجات غير مطابقة للمواصفات والمقاييس التي يجب أن تخضع لها المنتجات الصناعية الوطنية، وهذا أيضاً أحد أهم المعايير التي استخدمت من قبل الدول الصناعية لحماية وتنمية صناعاتها وتوفير المنافسة العادلة!
والآن لنعود للإستراتيجية الوطنية الصناعية: تركز الإستراتيجية الوطنية للصناعة على 12 قطاعاً فرعياً لتنويع الاقتصاد الصناعي الوطني، كما حددت أكثر من 800 فرصة استثمارية بقيمة تريليون ريال، وزيادة صادرات المنتجات التقنية المتقدمة بنحو 6 أضعاف إضافة إلى استحداث عشرات الآلاف من الوظائف النوعية عالية القيمة، كما تهدف الإستراتيجية إلى قيادة التكامل الصناعي لسلاسل القيمة والاستفادة من مواطن القوة في الاقتصاد السعودي وتحقيق الريادة العالمية في مجموعة من السلع المختارة.
معلوم أن قطاع الصناعة في المملكة يستند على أسس صناعية متينة ونجاحات بنيت على مدة 50 عاماً، أن المملكة ليست جديدة على الاستثمار الصناعي فصناعة الاستخراج - (بترول، غاز ومعادن) ليست حديثة على الصناعة الوطنية، كما يجب الإشارة إلى مكانة المملكة في صناعة البتروكيماويات عالمياً وأنها تعمل على أحدث التقنيات في هذا المجال.
هناك موضوع آمل أخذه في الاعتبار، وهو أن بلادنا -وبحمد الله- مليئة بالمواد الخام بأنواعها كما أنها غنية برجالها وقياداتها، لذلك إن منع تصدير المواد الخام والمواد الأساسية ضمن الإستراتيجية سيكون دافعاً قوياً للتنمية الصناعية -بإذن الله، وتشجيع تصدير المنتجات ذات القيمة المضافة العالية فمثلاً برميل البترول (و/ أو الغاز) الذي نصدره بـ 100 مائة دولار ينتج منتجات بآلاف الدولارات.
باختصار:
- قال الله تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (105) سورة التوبة.
- لاستخدام التقنية في الأعمال فوائد جمة أكثر من سلبياتها، لذا يجب إتاحة الفرصة لإظهار السلبيات والملاحظات لكل جهاز في القطاعين العام والخاص عن طريق بوابة تفاعلية مباشرة مربوطة برئيس الجهاز ليطلع على ما يقدمه جهازه من خدمات وعمل الحلول للملاحظات والعوائق.
- مطاراتنا -ولله الحمد- أصبحت عالمية المستوى وتحتاج إلى مراعاة ذوي الحاجة (لن أقول الخاصة) من كبار السن والعوائل، فالمسافة بين بوابات القدوم والمغادرة وبوابة الدخول والخروج طويلة جداً ولا يوجد وسيلة متاحة إلا العربات لذوي الاحتياجات الخاصة فقط رغم وجود العربات الكهربائية الكثيرة في مطاري الرياض وجدة (متوقفة) عربة لاستخدامات المكتب التنفيذي فقط!!
- طرق الرياض صارت (غاصة) مزدحمة إلى درجة كبيرة ويجب دراسة حلول عاجلة ومنها سرعة تشغيل المترو وفتح الشوارع وإلغاء التحويلات ورجال المرور الذين يغلقون الإشارات مدة طويلة كمثال إشارات صلاح الدين مع طريق خريص (مكة)، وكذلك بعض الشوارع المغلقة حول الدوائر الحكومية لأسباب أمنية (بحمد الله لم تعد موجودة)، شوارع الرياض العاصمة التي يجوبها ملايين السيارات تحتاج إلى إعادة دراسة هندسية من مختصين في النقل والمرور!!
وفق الله قياداتنا الحكيمة إلى كل ما فيه خير الوطن والمواطن لتستمر القافلة بالمسير بأمن وأمان.
والله الموفق..