د. أسماء بنت صالح العمرو
صفة التأمل تراودني عند من يقود السيارات بجميع أشكالها، فمن عنده سيارة فارهة يخشى عليها من سقطات تفاجئه فتخدش قلبه قبل سيارته، وتظلم عينه، وتبكي أكثر من فقده لحبيب له.
وتجده لا يستمتع بها كمن عنده سيارة قد ظهر عليها أثر القدم، أو طابت نفسه من كثرة الصدمات في جبهة سيارته وجوانبها.
والذي قد استوقفني حقاً عند تأملي للمركبات وأهلها الطريقة العجيبة في قيادة الرجل عن المرأة، فمهما يكن من تهور لدى بعض الرجال، فالقيادة الماهرة تضبطهم، والتمكّن في حال الطوارئ يسيّرهم.
ولكن عند بعض الطرف الآخر، ألاحظ أنها لا تبالي بمسارها، ولا تلتفت إلا لأمتار طريقها، ومسافة نظرها.
فلا يمكن (لبعضهن) أن تتأكد من وجود سيارة قادمة لها الأولوية في المرور، ولا تسمح لأي مركبة كانت أن تتقدم عليها عند مداخل الأحياء، ومخارج الطرق، فالمركبة لها، والطريق ملكها، والمسار مسارها!
ولو مشى صاحبنا بطريقه السليم وسبقها، أو غيّر الاتجاه بسبب مخالفتها؛ لرأيت منها إشارات الويل والثبور، والجلجلة والصداح، وإن كان في الوقت متسع لانقلب السحر على الساحر، وتحولت من أثيم جارم، إلى مستضعف مغلوب.
عفواً على هذا التعبير الصادق الذي ما كتبته إلا بعد أن كثرت مواقفهن الطائشة التي أخافت الكثير ممن يلتزمون بضوابط الأنظمة المرورية.
وهذا لا يعني أنه لا يوجد متهور أهوج يحاول أن يربك، ويوتّر، ويخيف الطرف الآخر، وإنما حديثي عن الغالب الأعم الذي ما إن قبض مفتاح المقود فلا يفكر إلا بتدوير عجلته دون إعمال فكر، أو تركيز نظر.
والعبرة من هذا كله ألا تغترّ بقيادتها للسيارة، ولا تتهور دون أن تضبط ركوبها، وتدقق في موقفها، وتسير كما النظام وجّهها، وتسمع من الناصح تعديل اِلتِكاكها، ولا تعتد برأيها إن كان بغير وجهه؛ حتى تسلم ويسلم غيرها.