الثقافية - حاورتها مسعدة اليامي:
نشأت على صوت والدها وهو يردد الكثير من الشعر الجاهلي, فكانت الكتب حديقة غناء نبتت بداخلها منذ نعومة أظافرها, لتكون خواطرها المكتوبة عبارة عن شهد يعالج الأفئدة الصدئة, الأديبة حنان لها ثلاثة إصدارات شهدت النور وتتطلع إلى أن يكون لها رواية مميزة من العتبة حتى الصفحة الأخيرة بعدما أثارت جد واسع بعد صدور كاتبها (ماذا لو كنت رجلاً) تلك الأمنية التي وضعتها في موضع قياس المشاعر حتى يشعر الرجل بما تحتاج إليه المرأة.
* اللحظة ماذا تعني لك في دوامة الإعلام والكتابة الإبداعية؟
- اللحظة تعني لي الكثير فهناك لحظات كثيرة مررت بها في الإعلام كانت جميلة ومؤثرة وملهمة منها ما هو بعيد وآخر كان قريباً جداً مثال على ذلك: لقائي بالجمهور عبر أحد البرامج للحديث عن العنف الأسري، ومشاركتي بتقديم أمسية أدبية مع لفيف من المثقفين والمثقفات ورجال الأعمال والكثير من المهتمين بالثقافة والسياحة والربط بينهما, فزيارتي لمنطقة نجران وإدارتي لذلك اللقاء بملتقى الإعلام السياحي، قد منحي الكثير من اللحظات السعيدة في تبادل المعرفة والتعرف على الأماكن التاريخية والأثرية بالمنطقة وتوقيع كتابي لمجموعة من النخبة المثقفة من مثقفي نجران وضيوف الملتقى والكثير من اللحظات التي تترك في النفس بصمة لا تنسى، وكذالك الأمر بالنسبة للكتابة فلحظة ميلاد نص جديد,أو توقيع كتاب من اللحظات التي مازالت باقية في الذاكرة وفي الروح, كأنها شروق الشمس في فصل الربيع.
* كيف سقيت ملكة الإبداع عندك وهل كانت مياه الصحافة مالحة؟
- الوالد -رحمة الله عليه - كان له دور كبير في ذالك حيث نشأت على صوته وهو يردد أبيات الشعر، كان يحفظ المعلقات السبع، وقصائد معظم الشعراء من العصر الجاهلي إلى العصر الحديث,فكان لذلك دور كبير حقيقةً في حبي للأدب، وكذلك الوالدة منذ طفولتي كانت تغذي فكرة الخيال لدي,مما ساعدني كثيراً على الإبداع في التعبير، أم الصحافة فهي عالم جميل, ومهم ولكن لست كاتبة مقال أو زاوية، بل اتجهت للكتابة بعض المقالات في صحف إلكترونية لم استمر.
* ما هي الروافد التي كنتِ تنهلين منها وكيف تمضين وقتك مع خير جليس؟
- كانت الكتب تحيط بي من كل اتجاه الوالد ا-لله يرحمه - مكتبتهُ كانت عامره بالكنوز، والأشقاء كذلك فعلى ضوء ذلك كانت القراءة في بيتنا ركناً أساسياً مهماً لذلك كنت أقرأ منذ الصغر كتب الشعر (الشافعي، قيس بن الملوح، نزار قباني، عبدالله الفيصل، والكثير, والكثير من الأدب العربي و العالمي مثل: روايات أجاثا كريستي، روايات نجيب محفوظ، كتب العقاد، المنفلوطي جبران خليل جبران، غادة السمان,وغيرهم ..
فكنت أقضي وقتاً خاصاً مع أصدقائي الكتب، فأنا أعشق القراءة من الورق أجدها أكثر تأثيراً ولها روح الأمس، فالصفحات وتلامسني فأشعر بها، وتشعر بي هي بمثابة العناق بالنسبة لي، رغم أني مقلة مؤخراً للأسف لكن يبقى هو الكتاب خير جليس كما ذكرتِ في سؤالك.
* خواطرك شاعرية دافئة لدرجة القتل في رأيك هل سبب ذلك هو الواقعية في كتابتك؟
- بالطبع لا بد من وجود بعض الواقعية في كتاباتي وحتى الخيال يكون قريب جداً من الواقع وكونه صادقاً ونابعاً من إحساس عميق فهو يصل للقارئ بشكل تلقائي وسلس, كوني بعض الأحيان أعيش القصة وكأنها تخصني.
* ذكرت أن والدك كان المشجع لك فماذا كتبت عن ذلك السراج؟
- نعم، هو الأساس -رحمة الله عليه - كان لا يتوقف لحظة عن تشجيعي ودعمي للعلم والفكر والكتابة لذلك بعد وفاته شعرت بأنني فقدت الإلهام والملهم، فعلاً كان هو السراج بالطبع كتبت عنهُ في كتابي أنا هي كل النساء: إليك والدي الغالي إلى وجهك الحنون إلى تلك العيون الدافئة، إلى خبرتك طوال هذه السنين، علمتنا أن نتجاوز المصاعب وأن لا نتوقف عند أي عائق وأن نخلص النية لرب العالمين، وأن نرسم السعادة على وجوه من نحب وأن نعيش من أجل الآخرين، كنت مثالاً للتضحية وكنت لتعليمي من أول المشجعين رحمك الله يا كنزي الثمين. وكذلك كتبت خاطرتين أرثيه بعد وفاته - رحمة الله عليه.
* شاركت في العديد كضيفة في البرامج الحوارية فما هي الفروق بين البرامج المسجلة أو التي تكون بثاً مباشراً عبر التلفاز أو عبر المنابر بالنسبة لك؟
- الحقيقة بالنسبة لي أغلب الحوارات واللقاءات كانت مباشرة ولا أجد فرقاً إلا أن إمكانية الإعادة والتعديل في البرامج المسجلة تكون متاحة، وإن كان علي الاختيار فأنا أكثر ما أحبه هو الإلقاء المباشر عبر المنابر منذ أن كنت طالبة على مقاعد الدراسة، فكان دائماً ما يقع الاختيار علي لأقدم الإذاعة الصباحية ومسرح المدرسة.
* بعد كتاب (أنا هي كل النساء) و(خرج الأمر من يدي) صدمت متابعيك بكاتب (ماذا لو كنت رجلاً) كيف تلقيت ردود المتابعين وما هي الأسباب وراء ذلك الاسم؟
- الحقيقة أنا دائماً أميل لاختيار الأسماء المميزة والتي تدعو للتساؤل أن كان على مستوى عناوين الكتب أو حتى الخواطر، ماذا لو كنت رجلاً، فعلاً أثار الجدل وتمت استضافتي في برنامج هو وهي على قناة الـ MBC وسؤالي عن سبب اختيار هذا العنوان لكتابي وحقيقة كان الصادم للمتسائلين وللمتابعين أني فخورة بأني امرأة وأن الكتاب من خلال محتواه ما كان إلا ناصحاً وموجهاً لكل رجل أن لا يجعل ابنته أو زوجته أو أخته أو أي امرأة في حياته تتمنى أن تكون رجلاً لتحقق طموحها وآمالها في هذه الحياة.
* كيف وجدتِ قراءة كتابك ماذا لو كنت رجلاً من قبل الكاتب سعد عبد الله الغريبي؟
- الحقيقة أنا اعتبر النقد إثراء للكاتب ولم يزعجني على العكس استفدت كثيراً من ما كتب وزاد عدد قراء الكتاب حباً للاستطلاع فقد أثار فضول البعض وهذا أسعدني.
* وهل هناك قراءات أخرى وفي رأيك قراءة الكتب تضيف للكاتب والكتاب وما تلك الإضافات؟
- لم يكن هناك قراءات أخرى مكتوبة علماً بأني تشرَّفت بآراء الكثيرين عبر الهاتف أو الرسائل وكانت إيجابيه جداً - ولله الحمد، بالطبع القراءات النقدية مفيدة جداً وتعود على الكاتب بالنفع سواء كانت بناءة أو العكس في الحالتين أنا أجدها مهمة وتضيف لي لتطوير كتاباتي وكما ذكرت سابقاً زيادة عدد القراء والمتابعين.
* كتابك (أنا هي كل النساء) مؤشر إلى القلب الشفاف الذي يمتص هموم ومشاكل الأخر وخاصة النساء, ماذا تقولين عن ذلك؟
- لا يوجد امرأة قرأت كتابي «أنا هي كل النساء» إلا و شعرت أن هناك ما يلامسها ولو كلمة أو سطراً أو ما بين السطور فذلك الكتاب تنوع في طرح أحاسيس الأنثى في أكثر من حدث أو موقف وحالة، لذا فقد وصل لأحاسيس الكثير من النساء اللاتي يصعب عليهن التعبير عن مشاعرهن المكبوتة.
* هل يوجد بين دفتي الكتاب قصص واقعية تمسك وتمس أخريات فمن يقرأ الكتاب يلتمس ذلك؟
- بالطبع هناك الكثير من الواقع اختلط بالخيال في بعض النصوص ولكنه مستمد من أحداث واقعية سمعتها أو رأيتها وأثَّرت بي فأثارت قريحتي وكتبت عنها.
* ماذا يعني لك أن توقّع كتابك للإنسان لا يمتلك صفة سوى أنه إنسان؟
- هو ما يهمني أن يكون يحمل صفة إنسان بمعنى الكلمة,ي كفيني ذلك وسأكون سعيدة وأنا أوقع له فالإنسانية تعني لي الكثير.
* هل تراودك فكرة كتابة الرواية وخصوصاً أنها أصبحت بوابة النجاح الكبرى وحلم المبدعين؟
- تراودني بشدة فكرة كتابة رواية ليس فقط لأنها باب النجاح وجاذبة للقراء، بل لأنه حلم أرغب في تحقيقه فعلياً ولكن أريد أن تكون مختلفة ومميزة وجاذبة من عنوان الغلاف وصولاً إلى الصفحة الأخيرة إن شاء الله.
* التنقل من مكان إلى مكان ماذا يكسب فكرك وهل ينتج عن ذلك كتابة خواطر مختلفة؟
- لا يخفى على الجميع أن تغيير المكان والاطلاع على ثقافات مختلفة وطبيعة متغيرة كل ذلك له أثر كبير في خلق الإلهام للكاتب ودافع له ليعزف بحروفه أجمل الإلحان باختلافها على الورق.
* الثقافة السعودية موعودة بسبعة معارض للكتب.. قراءتك لمستقبل ذلك؟
- هذا أمر رائع ومفرح، فمعرض الكتاب بمثابة عرس للكتاب وللقراء والمهتمين وأعتقد أنه مدخل مهم ليصل الكثير من الكتاب للعالمية أسرع من الفترات السابقة، وخاصة في ظل رؤية 2030 وتوجيهات حكومتنا الرشيدة .. التي تركز وبقوة على المعرفة وتطوير الفكر والأفكار.
* هل تفكرين في النشر الرقمي وكيف ترين واقع الكتابة الرقمية؟
- رغم عشقي للورق والذي أتحدث في كل لقاء عنه إلا أنني لا أستطع أن أنفي أهمية النشر الرقمي والكتابة الرقمية والتي تلاقي الآن اهتماماً وتوجهاً كبيراً، حيث بات أغلب القراء يميلون لاستخدام الهواتف والأجهزة الذكية لقراءة الكتب، بل إن هناك تطبيقات متنوعة تحتوي على مئات الكتب لقراءتها ونظراً لأهمية مواكبة العصر لا أجد مشكلة في أن أتوجه للنشر الرقمي على العكس أجدها تجربة جيدة ومهمة.
* ماذا تقولين في نهاية هذا اللقاء؟
- أشكرك أستاذة مسعدة وأشكر صحيفة الجزيرة الثقافية على هذا الحوار الماتع وهذه الأسئلة العميقة الموضوعية التي سعدت واستمتعت وأنا أجيب عليها.. تحياتي وتقديري.