خالد بن حمد المالك
فشل القمع الإيراني في إيقاف المد الشعبي الواسع من المظاهرات التي تطالب بالحرية، وحقوق الإنسان، وتغيير النظام الذي حوّل إيران إلى سجن كبير يعج بالمواطنين، وإلى ممارسات غير إنسانية مع كل صوت حر يندد بسلوك نظام الملالي وتعامله مع المواطنين.
* *
لقد مارس هذا النظام القسوة والجبروت، وتعامل مع المحتجين بكل أنواع الأسلحة، وهدَّد وتوعَّد بالقتل لكل من يظهر معارضته للنظام، بل إنه قتل وجرح وسجن الآلاف من المواطنين، ولكن دون أن ينجح في إطفاء هذه الاحتجاجات على امتداد كل المدن الإيرانية.
* *
ومع أن الاحتجاجات ما زالت مستمرة، رغم مضي قرابة شهرين منذ انطلاق شرارتها الأولى، فإن المشهد اليومي لا يوحي بأنها ستتوقف، بل وليس هناك مؤشر على أن تصاعدها غير مرشح في الأيام القادمة، فقد ملَّ الشعب الإيراني من الطغاة، وفقد صبره على الممارسات غير الإنسانية، ولم يعد قادراً على تحمّل الأوضاع الاقتصادية والبطالة والفساد بأكثر مما تحمَّل على مدى أكثر من أربعين عاماً.
* *
صحيح أن عدد القتلى والمصابين بين المتظاهرين يزداد يوماً بعد آخر، وأن السجون تغص بأعداد غير قليلة من المحتجين، وأن من أودعوا السجون يواجهون من التعذيب ما لا يتحمّله بشر، غير أن ثمن إعادة إيران دولة مدنية وحضارية وآمنة، وتحكم بقيادات لا تتسلط على مواطنيها، يحتاج إلى ثمن باهظ، وإلى تحمّل كل هذه القسوة في تعامل النظام، وصولاً إلى إصلاح الوضع، وتخليص الوطن من الطغاة.
* *
إن رهان النظام الإيراني على أنه بالقمع والإرهاب سوف يطفئ شعلة الثورة، هو رهان خاسر، بدليل أن التهديدات اليومية من أمن النظام للمتظاهرين لم تنجح في تخفيف حدة المواجهة مع رجال الأمن، فضلاً من أن يتم إيقافها، وهو ما يعني أن توقف الثورة مرهون بتحقيق أهدافها، وما لم تحقق هذه الأهداف، وفي طليعتها تخليص البلاد من هذا النظام، فإنها مستمرة، وبكل عنفوانها وقوتها وتحديها.
* *
لقد انشغل النظام الإيراني في تصدير ثورة الخميني، والتآمر على دول الجوار، وتعزيز دور الإرهاب في زعزعة الاستقرار في المنطقة على حساب قوت الشعب، والانصراف عن معالجة أسباب التخلّف في التنمية بسبب تبديد ثروة البلاد على المؤامرات ودعم الإرهاب، وكلها سوف تعجل بزواله، وعودة إيران الدولة المسالمة التي نعرفها إلى التعايش مع جيرانها.
* *
ومما يلفت النظر أن النظام الإيراني يحاول أن يشغل المتظاهرين عن أهدافهم، واستمراريتهم في تحدي النظام، بافتعال بعض المواقف كتهديده بعض مصالح بعض الدول المجاورة، دون أن يفعل ذلك، لمعرفته أن أي موقف عدواني على أي دولة سوف يواجه بقوة، وقد ينقل المعركة إلى الأراضي الإيرانية، وهذا ما يبرر عدم رده على الضربات الإسرائيلية لقواته في سوريا، واستخدامه لعملائه في بعض الدول لتنفيذ عملياته الإرهابية، دون أن يكون له ظهور مباشر فيها.
* *
وبنظرنا، فإن الثورة الإيرانية سوف تستمر، وفي تقديرنا، فإنها لن تتوقف ما لم يسقط النظام، وتتم محاسبة قياداته على ما ارتكبوه من جرائم بحق المواطنين والمقيمين من جنسيات مختلفة.