عبده الأسمري
جنى «مغانم» التربية وحصد «غنائم» التوجيه رافعاً راية»اليقين» محققاً غاية»التمكين»، فكان كبير القوم وخبير القيم الذي بنى «صروح» الذكر الجميل وأسس «طموح» الفكر الأصيل.
بين أصول «المحاسبة» وفصول «المالية» وظَّف أدوات «الأمانة» وفاز باستحقاق»المكانة»، فكان المؤتمن الأمين والقيادي المكين، ومن مهام «التجارة» إلى إلهام «الجدارة» بنى «سمعة» الإبداع وسخر»سعة» الاطلاع في سيرة تجللت بالضياء وتكللت بالسخاء كان فيها «الفاعل» المرفوع بالهمة و»الضمير» المتكلم بالمهمة الذي حشد مهارات الذات ومواهب النفس في إعلاء آراء النجاح واستيفاء أصداء الكفاح.
إنه عضو مجلس الشورى السابق ورجل الأعمال والإدارة عبدالله بن سعيد أبو ملحة -رحمه الله- أحد أبرز رجال الدولة والاقتصاد والتنمية في الوطن.
بوجه جنوبي الملامح تكسوه علامات «الوقار» وتسكنه سمات «الاعتبار» وتقاسيم مألوفة يطغى عليها الابتسام والإلهام تشبه والده وتتشابه مع أجداده يسمو فيها السمت واللطف والنبل وشخصية هادئة الطباع أصيلة الطبع، وعينان تنضخان بنظرات الحكمة وومضات الحنكة مع أناقة تعتمر الأزياء الوطنية المتكاملة وكاريزما حافلة بحسن الخلق ولطف المعشر وطيب القول ورونق الأسلوب قضى أبو ملحة من عمره عقودًا وهو يؤصل أركان العمل المالي ويؤسس أعمدة الفكر القيادي ويهدي للوطن»بشائر» التطور ويرسم لمنطقته «خرائط» التقدم ويكتب للأجيال «طرائق» الابتكار ويمنح القطاع الخاص «وصوف « التطوير ويقدم للتنمية «أفكار» النماء ويزرع في عشيرته «مواقف» الفلاح قيادياً ومفكراً وريادياً ووجيهاً وحكيم أسرة ورفيع مقام وصاحب بصمة وضع اسمه في قوائم «المؤثرين» ومقامات «المبدعين».
في عرق أبو ملحة الحي الشهير في محافظة خميس مشيط بمنطقة عسير الشهيرة بتخريج الوجهاء والفضلاء وُلد عام 1363 في نهار حافل بالفرح في منزل والده الشيخ سعيد الرجل المعروف في قبيلته ولدى قيادته وتفتحت عيناه على «مناهج» قائمة من أكرام الضيف وإغاثة الملهوف وإعانة العابر، وفقد والدته الحانية باكراً وهو دون سن السابعة فتجرع «يتم» الأم ولكنه تلقى «حناناً» جائلاً من قريباته النساء اللاتي عوضنه الفقد وارتهن إلى سخاء أبوي نادر ملأ قلبه وسكن وجدانه فاكتظت روحه بعطايا «الامتنان» المبكر لتفاصيل صغيرة كان يراها «عناوين» عريضة جعلته مقيماً في منصات «المعروف» وثاوياً في أهل «الإحسان».
ركض أبو ملحة مع إخوته حاملاً في داخله «مسؤولية» باكرة عودته على «منازلة» الصعاب لينال «منزلة» الاعتماد في توجيهات «والده» واتجاهات «عائلته» رغم سنه الباكر.
ظل أبو ملحة ينعش مساءات عائلته المعروفة بتاريخ الولاء والفداء بأحاديث «النبوغ» الذي اكتشفه حكماء قبيلته وأجمعوا على قدومه كمشروع وطني بامتياز تكلل بنباهة مبكرة كان يلاحق فيها بعد نظر عميق صقله بالتشرب من نصح والده والامتثال لصيت أسرته فكان «السفير» المتوج بدعوات علنية في واقع الحب العائلي وخلوات خفيه في وقع الالتزام الذاتي فنشأ منجذباً نحو «المكارم» وكبر متجاذباً مع «المحافل».
ظل أبو ملحة يقتبس من ضياء والده الذي تولى مهام «ماليات» عسير والتي كانت وحدة إدارية تضم ما يختص بالبنية التحتية والتشغيل والصيانة والخدمات والشؤون الاجتماعية والموارد البشرية في ذلك الوقت، وهي المهمة التي اسندها الملك عبدالعزيز لجده الشيخ عبد الوهاب أحد أبرز رجالات المؤسس حيث كبر مدفوعاً بحب الوطنية ومشفوعاً بعشق المهنية.
استلهم مسؤوليته في سن مبكرة كونه الأكبر بين إخوانه حيث ظل ينتهل من ينابيع «المعرفة» في مجلس أبيه الذي كان منصة مذهلة لالتقاء الأدباء والمفكرين بشكل شبه يومي وبموعد دائم كل «اثنين».
حياة تعليمية وعملية فاخرة بالمعارف وزاخرة بالمشارف اغترف خلالها أبو ملحة من»مشارب» الرأي وتواجد فيها على رأس «التأثير» حيث درس التعليم العام في خميس مشيط وأكمل المرحلة الثانوية في الطائف ثم التحق بجامعة الملك سعود وحصل منها على درجة بكالوريوس التجارة شعبة المحاسبة وإدارة الأعمال من عام 1391 وتولى مهامًا إدارية وقيادية عدة حيث تعين كرئيس ثم مدير للشؤون المالية في إمارة منطقة عسير من 19-8-1392 وحتى 4-6-1396 ثم اختير عضو مجلس إدارة ومديرًا عامًا في شركة عسير من 30-5-1402 وحتى 30-12-1411 وعضو مجلس إدارة شركة أسمنت المنطقة الجنوبية من عام 1397 حتى عام 1427 وأسس ورأس شركته الخاصة الجنوب للتجارة والصناعة والمقاولات، وتعين رئيساً للغرفة التجارية الصناعية بأبها من عام 1401 حتى عام 1421واختير عضواً في مجلس منطقة عسير لدورتين وعضواً في مجلس إدارة شركة الراجحي المصرفية للاستثمار من 17-9-1413 وحتى 27-11-1419 وعضو مجلس إدارة شركة الكهرباء بالمنطقة الجنوبية من 4-3-1418 وحتى 30-12-1420 وعضو مجلس إدارة الخطوط الجوية العربية السعودية من 29-11-1419 وحتى 12-4-1423 وعضو مجلس إدارة هيئة الإغاثة الإسلامية عام 1423 وعضو مجلس إدارة ومدير عام مؤسسة عسير للصحافة والنشر (صحيفة الوطن) من 12-11-1418 وحتى 23-9-1421 وتعين عضوًا في مجلس الشورى في دورتيه الرابعة والخامسة وعضو مجلس إدارة وأمين صندوق مركز الملك سلمان الاجتماعي من 14-3-1428 وحتى 25-5-1434، وهو مؤسس وعضو مجلس إدارة جمعية البر بأبها وعضو مجلس إدارة الصندوق الخيري الوطني ورئيس مجلس إدارة شركة الطائف للاستثمار السياحي وعضو مجلس أمناء جامعة الأعمال والتكنولوجيا ومؤسس ورئيس مجلس إدارة جمعية العناية بالمقابر بمنطقة عسير (كرامة) وغيرها من العضويات المتنوعة والمسؤوليات النوعية.
مسيرة طويلة قضاها أبو ملحة بين النماء في ميادين»الأثر» و»المآثر» والانتماء إلى مضامين «الهمم» و»الشيم» كان فيها «الموجه» الواقف خلف الإنجازات و»الوجيه» الشاهد على المنجزات والمفكر الضليع باحتياجات المرحلة ومتطلبات التنمية.
حضرت أياديه البيضاء لتمسح «غمة» الاحتياج وتواجدت نفسه العصماء لتزيل «مغبة» الظروف في «سرائر» كان يجللها بالكتمان ممعناً في صناعة «الحسنى» ومتقناً في صياغة «المحاسن».
انتقل أبو ملحة إلى رحمة الله في الثامن من شهر ربيع الأول عام 1444 وووري جثمانه ثرى الرياض وودعته القلوب وبكته الأعين ونعته المنصات وتناقلت عزاؤه الأوساط والوسائط ورثاه الأصدقاء وبكاه الزملاء وودعه النبلاء.
رحل بعد أن ترك بصماته «جليلة» في صفحات «الذكر» الحسن وسماته «جلية» في ومضات «الاستذكار» المشرق.
عبدالله سعيد أبو ملحة الاسم المتفق عليه والوجه المستبشر به في متون المعاني وشؤون التفاني.