أ.د.عثمان بن صالح العامر
زرع الانتماء لدى الطالب والطالبة للجامعة التي تخرج فيها مهم جدًا، وهذا لا يتأتى بالكلام فقط بل بإحساسه وإشعاره من قبل أساتذته حين كان على مقاعد الدراسة أهمية الدور الذي قام به هذا الصرح العلمي في تشكيل هويته وبناء شخصيته وتكامل معارفه وتحقيق طموحه، سواء أكان في مرحلة البكالوريوس أو أنه من طلاب الدراسات العليا. ومع أن هذه المسألة مجمع عليها في المجتمع الأكاديمي، فإن القارئ للمشهد السعودي يلحظ ضعفاً عاماً في الاهتمام بهذا الأمر من قبل غالبية جامعاتنا السعودية باستثناء جامعتين أو ثلاث على الأكثر، تلك التي يفتخر الخريج بأنه تخرج فيها، ويشعرك وهو يتحدث لك أو يغرد ويكتب أنه فخور جداً بكونه تخرج في جامعة...، وهذا أمر جيد لا شك إلا أنه لا يقارن بما هو عليه الحال في غالبية الجامعات الغربية، إذ إن خريجها من أي مكان في العالم غالباً ما يزورها بعد تخرجه فيها ويتواصل مع أساتذتها والعاملين فيها بشكل دائم، خاصة المشرف عليه حين إعداده أطروحته التي نال بها درجة الدكتوراه أو الماجستير، فهو يتابع أخباره ويعرف الجديد من أبحاثه وربما اشترك معه في عمل علمي متخصص، وفي المقابل فالجامعة توجه له إن كان من المبرزين دعوة لحضور مؤتمراتها ومناسباتها السنوية، وتطلب دعمه وتشجعه وتحفزه على مشاركته في أوقافها ومشاريعها التطويرية، بل تفتخر حين يزورها وفد ما أن من خريجيها الوزير... ورجل الأعمال المشهور... والعالم... وقس على ذلك، بل إن البعض منها تضع صورهم وهم داخل أروقة الجامعة في الممرات لتدلل على عراقتها وأصالتها وعالميتها، وإذا كان ضيوف الجامعة من بلد ما ذكر لهم منسق الزيارة والمرافق لهم أثناء جولتهم الميدانية على مرافق الجامعة خريجيها من البلد نفسه الذي ينتمون له ويمثلونه وما قدموه للجامعة من تبرعات بعد ذلك.
إن خريجي الجامعة ثروة مادية ومعنوية أعتقد جاء الوقت المناسب لاستثمارها من قبل جامعاتنا السعودية في تعزيز وضعها المادي والمجتمعي، ولذلك فإقامة حفل (أبناء الجامعة السنوي) وتوجيه الدعوة لعدد منهم في كل عام وتعريفهم بما وصلت له جامعتهم من تقدم وازدهار سواء في مجال التميز الأكاديمي أو البحث العلمي أو المنشآت أو خدمة المجتمع قد تكون الخطوة الأولى لمد جسور التواصل الفعلي مع الخريجين القدماء منهم قبل المحدثين، فضلاً عن إيجاد مكتب للتواصل مع جميع من تخرجوا في الجامعة وبناء قاعدة معلوماتية جيدة عنهم.
قد يكون هناك محاولات شخصية من قبل أصحاب المعالي مديري جامعتين أو ثلاث من الجامعات السعودية في الفترة الماضية ولكنها لم تستمر بحسب علمي، ولذا فبعثها من جديد من قبل جميع جامعاتنا السعودية وجعلها عملاً مؤسساتياً مدروساً هو من متطلبات المرحلة، فنحن في زمن خصخصة التعليم، ويجب العمل على ضوء رؤية المملكة 2030، ووضع الخطط والإستراتيجيات الجامعية وفق هذه الرؤية الطموحة التي تنشد ذرى المجد، وتتوق لمعانقة هام السحب. وفق الله الجميع، وإلى لقاء والسلام.