د. فهد بن علي العليان
بعد أن أنهيت بعثتي لدراسة الدكتوراه بكلية التربية في جامعة أوهايو عام 2001م، في تخصص (القراءة وفنون اللغة)، رجعت لأواصل تدريسي في قلب جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ابتداءً في معهد تعليم اللغة العربية ومن ثم في قسم التربية الذي أصبح فيما بعد كلية التربية. وأثناء ذلك، انخرطت في كثير من اللجان على مستوى الجامعة والكلية والقسم، قبل أن ألتحق بالعمل الإداري وكيلاً للمركز الجامعي لخدمة المجتمع والتعليم المستمر. ومن ضمن الأعمال التي سعدت بها وقضيت فيها سنوات، أن عملت مستشاراً غير متفرّع في وكالة وزارة التعليم العالي للعلاقات الثقافية آنذاك، والتي كان يديرها ويتسنَّم قيادتها (د. عبدالله المعجل) الذي عمل بكل جهده وطاقته لإدارة ملفاتها ومشروعاتها. ويعد الدكتور عبدالله من أبرز المتخصصين في علوم الحاسب الآلي؛ حيث حصل على البكالوريوس في هندسة الحاسب الآلي من جامعة الملك سعود 1987م، ودرجة الماجستير في علوم الحاسب الآلي من جامعة دنفر 1991م، وعلى درجة الدكتوراه من جامعة جورج واشنطن 1997م. وقبل عمله في الوزارة، كان أكاديميا في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وبعد الوزارة ، انضم إلى جامعة الملك عبدالله نائباَ لرئيس الجامعة للتنمية.
يتمتع الدكتور (عبدالله بن إبراهيم المعجل) بطاقة كبيرة في العمل، ورغبة قوية في الإنجاز، عرف ذلك وأدركه كل الذين عملوا معه وكانوا قريبين منه أثناء عمله وكيلا لوزارة التعليم العالي للعلاقات الثقافية قبل عقدين من الزمن، وأنا لا أ زعم أنني عرفته عن قرب بشكل كبير، لكنني أستطيع القول بأن أبا طلال من القيادات التي عملت في وزارة التعليم العالي - حينما كانت وزارة مستقلة - وترك بصمة جميلة في ملفات متعددة في الوكالة. أكتب هذا عنه، بعد أن تفرقت بنا السبل وبقيت الذكرى العملية الجميلة حوله ومعه، رغم المكابدة وضيق الوقت في إنهاء ودراسة العديد من الملفات، حينها كنت ألتقي به في مكتبه أسبوعيا للنقاش حول معاملات وموضوعات محددة أحيلت إليّ للدراسة والاستشارة، وفي أحايين كثيرة يحضر اللقاء والاجتماع عدد من المستشارين الأكاديميين في مختلف التخصصات الذين يقدمون آراءهم ويستعرضون أفكارهم حول القضية المطروحة للنقاش أو حول القضايا المتنوعة التي يدرسها كل مستشار على انفراد ثم يناقشها الآخرون؛ سعياً للوصول إلى رؤية محددة يعتمدها الوكيل.
لقد كان أبو طلال - في تلك الفترة - يتوقد حماسة ويناقش كثيرا من الملفات والقضايا التي تحال إليه بحكم الاختصاص، ثم إنه كان متابعا دقيقا وحريصا على الإنجاز بأقصى درجات الإتقان مقرونا بالسرعة؛ حيث كان يريد اختصار الزمن ومسابقة الأيام للوصول إلى أكبر قدر من الإنجازات؛ مما يجعلنا نحن المستشارين تحت ضغط شديد وجاهزية تامة في كل الأوقات، لكنه يصحب هذا بتعامل راق وأخلاق كريمة وسماحة نفس، مع ما يشوب ذلك أحيانا من ضغط العمل علينا جميعا. خلال تلك الفترة ، وبجهود زملاء كثيرين من المستشارين والإداريين - الذين تسنموا وما زال بعضهم مناصب قيادية عليا في وطننا الغالي -، أنجز (أبو طلال) وأشرف على كثير من المشروعات والدراسات والأفكار التي كانت محل التقدير؛ وبعضها قد يكون مستمرا إلى هذا اليوم ويقطف المجتمع ثماره.
لقد كان - بحكم تخصصه العلمي - رجلا صارما جادا حادا، وفي الوقت لديه القدرة على استقطاب المستشارين وتوزيع الأدوار بشكل يضمن سير العمل وإنجاز المعاملات بسلاسة وإتقان، حيث تولى تنظيم العلاقات العلمية والثقافية بين الجامعات والمؤسسات السعودية، بالإضافة إلى معارض الكتاب واللقاءات الثقافية وإهداءات الكتب وماله علاقة بالجامعات وتصنيفها، كما تولى إدارة عشرات البعثات والملحقيات الثقافية للمملكة العربية السعودية في الخارج والتي تشرف على شؤون الطلاب السعوديين في الخارج، وغير ذلك من المشروعات التي تندرج تحت مسؤولية الوكالة أو تحال إليها بحكم الاختصاص أو الاهتمام.
لقد قضينا جميعا سنوات مليئة بالتحدي وكثير من الإنجازات وبعض اختلاف وجهات النظر في أسلوب العمل لا التعامل، ثم توقفت عن الركض في مهمة المستشار غير المتفرغ؛ لارتباطات عملية، وبعد ذلك غادر (أبو طلال) الوكالة، واستمرت علاقتي به - مع تقصيري - حيث يحيطها بدماثة أخلاقه العالية الراقية حين يقابلك بابتسامته أو ينهي محادثته الهاتفية بالكلمات اللطيفة؛ ليبقى (عبدالله المعجل) أحد أبرز الرجالات الذين أثروا مسيرة التعليم العالي خلال فترة عمله التي امتدت قرابة ثمان سنوات سمان.