د.سماح ضاوي العصيمي
يبدو أن خطابات الكراهية لا تحتمل مظاهر الفرح والسعادة المجتمعية وموجات السرور النشطة بين الأفراد؛ فتعمل بكل وسيلة على استيلاب هذه المشاعر ومحاربة تطبيعها في نفوس الأفراد، والعمل على إفقار مجتمعنا من نعم الصحة النفسية؛ لكي يكون أرضًا خصبة للكآبة واليأس وتهيئته كحاضنة للتطرف والإرهاب والعدائية ضد الآخرين وبالتالي سهولة التوجيه والاستغلال ضد أنفسهم ووطنهم والآخرين.
ففي هذه الفترة تحديدًا تنشط أساليب هذه الخطابات ضد المجتمع السعودي ومحاربة مشاريعه الترفيهية والاقتصادية وبأنها رجعية في الأصل النفسي والديني، وهذه المرة ليست عبر كاسيت أو برنامج تلفزيوني لأحد رموزهم الداعين لأخدود الإرهاب ولا عبر رسائل توعوية صُممت في خوامير العداء والتحريض، بل خارطة جديدة وقعها قوي في الأنفس البسيطة، ففي وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرًا انتشر توظيف خطاب التحريض عبر الغربيين التائبين وعرضهم سيلًا من العتاب الديني والتحذير من ممارستنا لهذه المشاعر والحركة الاجتماعية الطبيعية التي بذاتها يعيشونها ويقدسون تفاصيلها في بلدانهم منذ عقود طويلة، بل اعتمادهم على تمرير اتهامات وإسقاطات مدروسة على واقعنا المعتدل والمتطلع للازدهار.
فيجب أن يدرك الفرد السعودي أن هؤلاء جزء من منظومة التحريض والكراهية ولكن بملبوس جديد ومتحضر وقادم من المستقبل في تصورهم، وأن يقرأ قبضه لثمن خروجه ونصيحته الملقنة له قبل مونتاجها، وعلى الفرد السعودي أن يعي هذا اللون من الارتزاق لو لم يخرج في محاولته التأثير على وعي المجتمع سلبًا وما يمارسه من مشاعر وأذواق تليق بالمجتمع السعودي وتاريخه النبيل؛ سيخرج أيضًا معلنًا إرهابنا ورجعيتنا المزعومة! بل أن يثق السعودي بحصانة مجتمعه ضد متحورات التطرف وخطابات شحذ الكراهية مهما تعددت وتنوعت أو اختلفت منافذها ومجالاتها؛ لأنه لا يمكن أن نتخيل أن ألا نستمتع بكل تفاصيل إنجازاتنا وخططنا التنموية التي ستسحق عجلتها جميع خارطات الكراهية وانحرافاتها الفكرية والأيدولوجيات التي من الممكن أن تخل باعتدال نسيجنا المتنوع.