علي محمد إبراهيم الربدي
ببالغ الحزن والأسى انتقل إلى رحمة الله إبراهيم عبدالعزيز صالح الحميد المعلم القدير والموجه الجدير والموظف الحكيم الذي ولد وترعرع ببريدة عام 1348هـ تقريباً تزيد أو تنقص سنة أو سنتان.
بدأ ابو عبدالعزيز حياته العملية قبل سبعين عاماً معلماً للتربية الرياضية بمدرسة بريدة المدرسة الفيصلية أول مدرسة ابتدائية حكومية تفتح بمدينة بريدة بل بمنطقة نجد في عام 1356هـ 1936م بأمر من الملك عبدالعزيز وبمبنى مستأجر.
والفقيد إبراهيم بن عبدالعزيز الحميد من المعلمين القدامى الذين بدأوا حياتهم العملية مدرساً بالمدرسة الفيصلية مدرس تربية رياضية في زمن كان المجتمع يمقت الرياضة خاصة كرة القدم ولا يقيم لها وزناً بل كان رجال الحسبة يضيقون على من يلعبها ويمزقون الكرة عندما يظفرون بها.
ظل أبو عبدالعزيز يعمل مدرس تربية رياضية بالمدرسة الفيصلية ونجح في الترويح عن الطلاب وإدخال البهجة والسرور عليهم أثناء حصة البدنية ولعب دوراً كبيراً في تنظيم القسم المخصوص الذي ينفذ نهاية كل عام دراسي خلال الحفل الختامي الذي تنظمه وزارة المعارف وللنجاحات المتميزة التى حققها المرحوم إبراهيم عبدالعزيز الحميد رشح ليكون مشرفاً عاماً على قسم النشاط الرياضي في إدارة المعارف بالقصيم وصار هو المسؤول عن تنظيم النشاط في القسم المخصوص الذي تنظمه إدارة المعارف والذي تشارك فيه جميع مدارس المنطقة بمراحلها المختلفة الابتدائية والمتوسطة والثانوي والتعليم المهني كمعهد إعداد المعلمين والمدرسة الصناعية والزراعية والعسكرية وكانت كلها تتبع لوزارة المعارف وليس هناك تعليم فني مستقل عن التعليم العام وكان الطلاب المشاركون فى الحفل الختامي يستفيدون بدنياً ومادياً فكانت توزع عليهم الجوائز الثمينة كالساعات وتصرف لهم ملابس رياضية (فنيلة وشراب وسروال وحذاء) للطلاب المشاركين يستخدمها الطالب طوال السنة.
كان أبو عبدالعزيز هو عراب النشاط الرياضي بمنطقة القصيم حتى عام 1388هـ وقد حاز على ثقة أمير المنطقة الأمير سعود بن هذلول الذي كان يرعى الحفل الختامي للمنطقة حتى عام 1387هـ حيث أعفي من إمارة منطقة القصيم وعين بدلاً عنه وبأمر ملكي صدر عن الملك فيصل بن عبدالعزيز الأمير فهد بن محمد بن عبدالرحمن وظل أميراً لمنطقة القصيم حتى عام 1400هـ.
نحج المعلم إبراهيم الحميد (أبو عبدالعزيز) بعمله كمدرس تربية بدنية بالمدرسة الفيصلية وهذا النجاح أهله لترشيحه مشرفاً للنشاط الرياضي بالإدارة التعليمية بالقصيم ولمدة تزيد عن عشر سنوات انتقل بعدها لوزارة الداخلية وعمل موظفاً بإمارة منطقة القصيم لمدة تزيد على عشر سنوات ونال ثقة وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز الذي أصدر أوامره بتعينه مديراً لإدارة الأحوال المدينة بمنطقة القصيم وبتوصية من أمير المنطقة سمو الأمير فهد بن محمد ثم انتقل إلى إمارة منطقة القصيم بعد حصوله على المرتبة الثانية عشرة وعمل مع صاحب السمو الملكي الأمير عبدالإله بن عبدالعزيز حفظه الله فى إمارة منطقة القصيم حتى تقاعده.
وأبو عبدالعزيز من الكفاءات الوطنية التي خدمت الدين والملك والوطن درس وتعلم بمدينة بريدة على يد المطاوعة (الكتاتيب) مثل المطوع ابن فرج والوهيبي والصقعبي والتحق بالمدارس النظامية وكان من الأوائل الذين تخرجوا من المدرسة الفيصلية التى عمل بها مدرساً للتربية الرياضية بعد حصوله على كفاءة معهد إعداد المعلمين عام 1375هـ
والفقيد إبراهيم الحميد التحق بدورات رياضية وحصل على شهادات تربوية أهلته لتدريب الطلاب رياضياً وفنياً وكان يلعب معهم ويقفز على الحصان والصندوق قبل ما يقفزون فكان لهم قدوة وله ذكريات جميلة مع طلابه لا زال بعض الطلاب يذكرها يقول أحد الطلاب كنا نقفز على المهر فسقط واحد من الزملاء وانعكفت يده وأخذ يبكي وخفنا نحن طلاب الصف الخامس ولكن أبا عبدالعزيز سرعان ما أسعفه وعدل يده وبدأ يضحك وضحك الجميع.
وأسرة الحميد التي ينتمى اليها أبو عبدالعزيز من أسر بريدة الغنية التى تتاجر بالذهب وصياغته ومن تجار الأواني المنزلية ومحلاتهم معروفة والتي يتاجرون ويبيعون ويشترون فيها كانت بالوسعة القديمة شمال الجامع الكبير (جامع الملك فهد) وبعض محلاتهم مستأجرة من الدكاكين التابعة للجامع الكبير قبل تجديد بنائه عام 1418هـ على نفقة الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله.
عرف عن الأسرة الولاء لحكام هذه البلاد والسلوك الحسن والمحافظة على العادات والتقاليد السائدة بين السكان وقد حرصت على تعليم أبنائها وإعدادهم للحياة إعداداً صحيحاً فمنهم المشايخ كالشيخ عبدالعزيز الصالح الحميد الذى تدرج بالقضاء حتى أصبح رئيساً للمحكمة العليا بالمملكة ومنهم العلماء والمعلمون والكثير منهم يعمل بالتجارة وموظفون بالقطاع العام والخاص عملوا بكل أمانة وإخلاص، ولا نزكى على الله أحداً.
والمرحوم أبو عبدالعزيز من الذين عملوا فى الحياة الدنيا ومن الذين اجتهدوا فيها وتحملوا مسؤولية عظمى أخطأ وأصاب أثناء عمله مثله مثل غيره من الذين يجتهدون فإذا كان اجتهاده على صواب فالله الله بالدعاء له والترحم عليه وإن كان قد أخطأ على أحد فالتجاوز والعفو عن الخطأ من صفات المسلم فالمسامح كريم قال تعالى:( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّه ).
وعزاؤنا لأبنائه وبناته ولأسرته ونسأل الله أن يجعلهم خير خلف لخير سلف وأن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة وأن يثبته بالقول الثابت ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان وأن يجعلنا وإياه من أصحاب النفوس المطمئنة الذين يناديهم ربهم بقوله (( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) إنه سميع مجيب والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.