عيب الطعام المجلوب من المطعم؛ لتفهم منه الزوجة الثناء على طبخها
* ما حكم عيب الطعام إذا كان من طعام المطاعم؛ لتفهم منه الزوجة الثناء على طبخها من باب إدخال السرور عليها كأن يقول الزوج: (طعمه ليس جيدًا مثلما تطبخين)؟
- النبي -عليه الصلاة والسلام- ما عاب طعامًا قط، إن أعجبه أكل وإلا ترك (البخاري: 3563)، ولكن لا مانع من عيب صانع الطعام إذا كان لا يحسن الطبخ، فهو لا يعيب الطعام، وإنما يعيب صاحبه أو صانعه إذا كان لا يحسن الطبخ ويُقحم نفسه، وهذا موجود عند بعض الناس، يُقحم نفسه في أمور لا يُحسنها؛ ليأخذ عليها الأجرة، فيتسبب في إفساد الطعام على أهله، ويُتلف المال؛ لأن الطعام مال، فإذا كان بهذه المثابة لا يحسن الطبخ ثم طبخ أو وضع في طبخه ما يضر الآكلين، فأكثرَ الزيوتَ وأكثرَ الأمورَ التي تضر بالآكلين فهذا يُذم ويعاب بفعله، لا لأن الطعام الذي هو نعمة من نعم الله -جل وعلا- يُعاب، فالعيب المنهي عنه عيب الطعام نفسه، وأما عيب فعل صانعه لا سيما إذا كان الصانع لا يُحسن الطعام ويُقحم نفسه من أجل أخذ الأجرة، ويترتَّب على ذلك ضرر للآكلين، فإن مثل هذا يُعاب ويُمنع من الطبخ أيضًا، لا سيما وأن صانع الطعام الذي قد يُراعى شعوره كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يراعي شعور من يخدمه هنا في السؤال ليس بحاضر، والمصلحة مترتِّبة -على كلامه- من مدح وإدخال السرور على المرأة، والمفسدة منتفية.
* * *
طاعة الابن والدته في طلاق زوجته مع عدم رؤيته ما يوجب طلاقها
* هل يجب عليَّ الانصياع لأمر والدتي بطلاق زوجتي إذا كنتُ لم أر منها ما يوجب طلاقها؟
- جاء في الحديث الصحيح أن عمر -رضي الله عنه- أمر عبد الله ابنه أن يطلِّق امرأته، وأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- ابن عمر أن يجيب عمر إلى ما طلب: "أطع أباك" ( أبو داود: 5138 / ومسند أحمد: 4711 )، ولكن مَن مثل عمر؟ وأهل العلم يقولون: إذا لم يوجد مبرر لطلاق المرأة فإن الطاعة كما جاء في الخبر الصحيح بالمعروف (البخاري: 4340)، وطلاق المرأة من قبل الابن طاعة لأبيه أو لأمه هذه لا تدخل في هذا، إلا إذا وُجد ما يبرر طلاقها، أو لَحَظ الوالد أو الوالدة ما خفي على الولد وبيَّناه له وإن اختلفتْ وجهة نظرهما هل هذا مقتضٍ أو لا، فيراه الأب مقتضيًا، ويراه الابن غير مقتضٍ، فالأصل أن يُنظَر في السبب والمبرِّر للفراق. فعلى كل حال المسألة مصالح ومفاسد وحقوق محفوظة، فحقوق هذه المرأة التي لا ذنب لها ولم يحصل منها أدنى تقصير لا يحصل بإجابة طلب الوالد أو الوالدة ما يقاوم هذه الحقوق، والطاعة كما جاء في الخبر بالمعروف، وهذا ليس من المعروف، كما أنه ليس للوالد أن يجبر ولده على الأكل من طعام معيَّن لا يقبله، أو الزواج من امرأة لا يميل إليها ولا يرغب فيها ولا يقبلها، أو المكث مع زوجته التي يرى أنها لا تناسبه، ويرى أنه إن أمسكها ظلمها، فالأمر لا يعدو الزوج في هذه الحالة، والله أعلم.
** **
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء -سابقاً-