محمد بن عبدالله آل شملان
شكراً من كل أعماق القلب للمنتخب السعودي العالمي على حالة الفرحة التي بثها في هذا الوطن من أقصاه إلى أقصاه.
شكراً للإعصار الأخضر الذي علا في الأرض والسماء، فكانت البهجة غامرة عمّت الكبير والصغير، وعبَّر عنها الكل قيادة وشعباً.
شكراً من كل أعماق القلب، نوجهها لرجال «سلمان» و»محمد» على تخليصنا من مشاعر الإحباط الكروي والرياضي، وإيصالنا إلى أعلى قمة في التفاؤل نظير ما قدموه في أول مباراة بمونديال قطر 2022، وخلق شعور من الحقيقة بأن الأمور المستحيلة حاجز لا يقوم ببنائه إلا الفاشلون.
لن أكون مبالغاً إن قلت إن الفوز السعودي على بطل العالم وبطل أميركا الجنوبية المنتخب الأرجنتيني، وانتزاع النقاط الثلاث منه وتصدّر المجموعة الثالثة، أعادنا إلى ذكريات البهجة غير المسبوقة بتتويج المنتخب السعودي للناشئين بكأس العالم عام 1989 في استكلندا.
لحظات تاريخية لا تُنسى اختلطت فيها شعارات وألوان أندية المملكة المختلفة في اللون الأبيض والأخضر، فولدت شعوراً من الحبور العفوي مع هذا الفوز التاريخي الذي قدَّم من خلاله رجال «سلمان» و»محمد» ملحمة رياضية، كان من أبرز عناوينها العطاء والإصرار والتحدي والقتال حتى النفس الأخير.
أثبت المنتخب السعودي بلاعبيه الأوفياء أنه من الإمكان تدوين التاريخ وتغيير خط مسار الأحداث، وإحراز المستحيل متى ما أراد الإنسان ذلك، عندما تلعب أمام «راقصي التانغو» ميسي ورفاقه، وعندما تكسر السلسلة التاريخية للمنتخب الأرجنتيني الذي وصل إلى 36 مباراة دون هزيمة، وتكون حاضراً من الناحية البدنية والنفسية وفي مكتمل التركيز الفني والمهاري.
فهذا يرسل إشارة دلالية على أنك كلاعب وكجهاز فني وكجهاز إداري دخلت في تحدّ حقيقي وقوي مع النفس قبل أي شيء، تحدّ في تجاوز المعقول وغير المعقول، أن تقهر بطل العالم وبطل أمريكا الجنوبية بهذه الملحمة الرياضية التي لا يمكن أن تتكرر كثيراً وتقديم وجه مشرف للكرة السعودية والعربية، هو أكبر دليل على أن الفروقات في النواحي التاريخية ونواحي المهارات البدنية الفنية والشكل الجسماني ما هي إلا فقط موانع يضعها من يبحث عن أسباب الفشل والمبررات المسبقة.
عِبَرٌ ودروس كثيرة جداً قام بتسطيرها منتخبنا الأخضر العالمي يجب أن تقف عندها طويلاً والاستفادة منها قبل المباراة الثانية في المونديال 2022 مع بولندا، درس في غاية الأهمية عبّر عنه المنتخب السعودي على أرض الواقع بأن الغيابات والإصابات لا يمكن أن تقوم بالدور المؤثر على منتخب يريد أن يحرث الأرض بالطول والعرض بجماعية القلب الواحد، لذا لم نشعر بالتبديل الطارئ للاعب سلمان الفرج وكذلك إصابة ياسر الشهراني.
وكذلك يجب ألا نحس به في المنتخب، درس ثانٍ يجب أن نستفيد منه قبل الاستحقاق القادم والتأهل للدور الـ 16 بمشيئة الله تعالى، هو أنه بمقدورك مقارعة الكبار والانتصار عليهم إذا كانت لديك حالة أن تكون كبيراً في قرارة نفسك، وهنا المحك الحقيقي قبل مواجهة المنتخبات العاتية والتي لها رصيد تاريخي هائل في كأس العالم.
وختاماً نحن في الحقيقة نفخر بقيادة وطننا الغالي، التي سخَّرت جميع الإمكانيات، وهيأت السبل لتمكين أبناء هذا الوطن من التميُّز وتحقيق الإنجازات في جميع المجالات، ومنها القطاع الرياضي الذي يحظى بدعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - أيده الله -، والمتابعة المستمرة من سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -، الملهم برؤيته وأهدافه نحو تحقيق المنجزات، وتمثيل الوطن خير تمثيل.