ميسون أبو بكر
انتصر المنتخب السعودي على الاسطورة منتخب الأرجنتين، لم يكن للنصر صداه فقط لأنه كأس العالم؛ بل لأن الرياضة السعودية أيضا ارادت أن تترك بصمتها في التقدم الذي تشهده المملكة في كل المجالات، الرياضة التي تحظى بجماهير لا ينافسها في ذلك أي شأن آخر من شؤون الحياة، فقد حققت المملكة وهجها وحضورها وتركت بصمتها أمام جماهير الكورة العالمية لتكون هناك التفاتة جماهيرية عالمية لبلد علا صوته كثيرا في الآونة الأخيرة، وان تكن الشعوب منشغلة بأمورها الحياتية وضرائبها وآثار الحرب الروسية الاوكرانية التي ألقت ظلالها في الشارع الأوروبي وأنهكته فإن ذلك لم يشغلها عن كأس العالم؛ والكرة السعودية لم تهز شباك الملعب الأرجنتيني فحسب بل هزت وجدان العالم العربي ودهشة العالم الغربي.
الكرة تقول كلمتها بلا هوادة بضجيج وبصوت عال وبأثر عميق في الجماهير التي تعشقها، الدول منحت إجازات لموظفيها للتمكن من مشاهدة المباراة التي تشارك فيها منتخباتها الوطنية، والوفود توافدت على دولة قطر من كل مكان لتتابع المباريات من الملعب العظيم الفخم، ولم يمنع بعد المسافة والتقيد بالدوام الرسمي أو الالتحاق بالمدارس والجامعات الناس من متابعة الحدث عبر أجهزتها الصغيرة، وقد انتشرت مقاطع معبرة تشير لمشاركة العالم هذا الحدث الذي لم يستطع أي شأن آخر في الحياة أن يضاهيه قوة وحضورا وجماهيرية.
في شوارع فرنسا تحديدا جنوبها لم أكن وحدي أفرح بفوز منتخب المملكة والدموع تملأ عيني فرحا وأنا أتوشح العلم الأخضر، بل تفاعل معي كثيرون من كل أقطار الدنيا ولن أنسى فرحة إخواننا المغاربة الذين غمروني بمشاعر فرحتهم وتشجيعهم للأخضر.
لم تكن المباراة لتمر مرور الكرام فالحدث كأس العالم والمباراة مع أسد الكرة العالمية الأرجنتين الذي غُلب على يد الأخضر بمباراة لم تكن سباقا على الفوز فقط فقد كانت ماتعة حد الذهول. استمعت مرارا للقاء عراب النجاحات ملهم شعب طويق الأمير محمد بن سلمان مع أفراد المنتخب قبل المباراة بأيام ولا أظنني سأنسى يوما أسلوبه وأثره على اللاعبين، وزدت يقينا أن كل لقاء وكل حضور للأمير محمد هو حضور يدرّس ويحتاج جهابذة اللغة والتحليل للوقوف عليه واستنباط نبوءات يشي بها مستقبل قريب.
انتصار الفريق السعودي ليس انتصارا رياضيا فحسب بل له دلائل أخرى تستطيع أن تلمسها من خلال ردة فعل الجماهير العربية حول العالم التي أنعشها هذا الفوز، وافراد المنتخب السعودي قدموا نموذجا عاليا للأخلاق السعودية والسلوك الإنساني الراقي.