د. فهد بن علي العليان
عندما تعود ذاكرتي إلى الوراء متذكرا زملاء الحي والأحياء المجاورة ورفقاء الملاعب الترابية خلال مرحلتي الثانوية والجامعة بدءا من عام 1404 - 1410هـ، فإن الأخ العزيز (محمد بن عبدالله الفريح) أحد هؤلاء الذين عرفتهم في تلك المرحلة وتحديدا في ملاعب الحي، وهو كذلك أحد أبرز الزملاء في تلك المرحلة الذي يشهد له الجميع بالأخلاق الرفيعة والوقار والهدوء؛ حيث يقف مع الجميع على مسافة واحدة، واستمر (أبو عبدالله) على ذلك إلى يومنا هذا يأسر الجميع بتواضعه وبأخلاقه العالية، بل ويأسرهم بخدمته التي لا يتوقف فيها عند حد ويعرف هذا كل الذين تعاملوا معه في محطاته المتنوعة خلال مسيرته الثرية والمثرية.
وأستطيع أن أقول بعد هذه المقدمة، إن أخانا العزيز (محمد الفريح) يعد أحد المهتمين بالنشر، إذ إنه حاصل على بكالوريوس مكتبات ومعلومات عام 1409هـ، ويعمل مديرا لإدارة النشر والترجمة في شركة العبيكان للتعليم، وقبل ذلك عمل في مكتبة الملك فهد الوطنية - خلال مرحلة التأسيس -، وفي عمادة شؤون المكتبات بجامعة الملك سعود من 1410 - 1424، ثم في شركة مكتبة العبيكان، بالإضافة إلى عضويته في مجلس إدارة جمعية المكتبات والمعلومات السعودية، كما أن له مشاركات متعددة في مجال الكتابة في عدد من الصحف والمجلات السعودية، وله العديد من المؤلفات، ومن أبرزها: الدليل الشامل لإصدارات جامعة الملك سعود، وكتاب فن إدارة المواقف: إلهام للقرارالصحيح، وكتاب النهر الجاري: حكم وروائع من واقع الحياة، وكتاب خذ الكتاب بقوة: روائع مما قيل في الكتب، وكتاب القوة الهادئة: غير طريقة تفكيرك يتغير العالم من حولك، بالإضافة إلى تصميم العديد من البرامج مثل برنامج قاعدة بيانات مطبوعات جامعة الملك سعود. كما قدم العديد من الدورات المتخصصة في مجال علوم المكتبات والنشر؛ حيث يشارك في كثير من ورش العمل المتخصصة واللقاءات العلمية كان آخرها المشاركة في الملتقى العلمي للترجمة بورقة عمل بعنوان:(أثر تأخر دور الترجمة: التحديات والحلول).
لقد أخلص (محمد الفريح) للعلم وللفن الذي تخصص فيه حتى أصبح أبرز الذين يشار لهم بالبنان في علوم المكتبات وما يتعلق بالنشر؛ ولقد أحسنت شركة العبيكان حين أعطته القيادة في هذا المجال؛ حتى توجت أخيرا بالفوز بجائز الملك عبدالله العالمية للترجمة – فرع جهود المؤسسات والهيئات لعام 2021م - نتيجة جهودها البارزة في هذا المجال، ومما لا شك فيه أن للفريح دوره الأبرز مما جعل منسوبي العبيكان (يفرحون) مع (الفريح) بهذه الجائزة وهذا الإنجاز.
ويستمر أخونا (أبو عبدالله) محلقا في سماءات النشر، وفي عطاءاته العلمية والثقافية مواصلا التأليف فها هو كتابه عن والده بعنوان (من أفواه الرواة: السيرة التربوية للوالد عبدالله بن محمد بن عبدالمحسن الفريح، الملقب بالمدير). وكما هي عادته يعمل بصمت ودون ضجيج، وأنا أتذكره تماما حين كان يخرج من الملعب بهدوء دون أن يغضب أحدا أو يغضب من أحد، فما أشبه اليوم بالبارحة، ويبقى تكريمه نظير عطاءاته العلمية والثقافية في مجال المكتبات والنشر مسؤولية الذين يقدرون عمل مثل هؤلاء في مجتمع القلم والكتاب.
ويبقى (الفريح) أحد الذين يسهمون في نشر ثقافة القراءة بجهده وفكره وقلمه، وقد قال في مقدمة كتابه (خذ الكتاب بقوة): «هذا الكتاب دعوة مباركة لأن تصحب الكتاب وتجعله أنيسا لك ومعينا؛ فقد وضع ليشحذ فيك الهمة ويحرك فيك العزيمة ويقوي فيك الرغبة لمصاحبة الكتاب ليل نهار وفي الحل والترحال وفي حال الصحة والمرض والضيق والسعة؛ فهو الجليس الذي لا يطريك والصديق الذي لا يغريك والرفيق الذي لا يملك».