شوقية بنت محمد الأنصاري
تداولات سحابية وأخبار رقمية وتعليقات التواصل الإلكترونية اتفقت على تكرار مفردة (رسالة) واسم العلم (محمد بن سلمان) ولي العهد السعودي سلطان زمانه والعظيم بقوة بيانه، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وإذا بها تجتمع على تداول وتكرار صيغة الخبر (رسالة كتبها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بخط اليد للرئيس الكوري) من هنا انطلقت التأملات والمقارنات بين هذه الأخبار وطريقة تفاعل المتلقي معها، فلا وجود للغة أخرى تفسّر جماليات العرض والشكل وتفكّك رموز تلك الصورة المنبثق نورها من شكل خطاب أميرنا ذي المواهب، والمنقوش بخطوط عربية ذات سلطة وقيادة آمنة بلطف عبارة مضمونها السياسي، وهذا مما يميّز لغتنا العربية التواصلية.
من هنا جاء الفضول للتعليق على بعض هذه التغريدات ذات العمق الجمالي في قراءتها لخبر الرسالة، يقول الدكتور عبدالعزيز الحربي رئيس مجمع اللغة العربية بمكة معلقاً على الخبر بصيغة دعاء: «اللهم زدنا به قوة وعزة وتمكينا للدين وسعة في الخير وحضارة ومجدا» لتُلقي رسالة الدكتور الحربي المحمّلة بمشاعر الفخر والعز، دورها في إيقاظ صوت الانتماء لولاة الأمر ونصرتهم بالدعاء الصادق، والتنبيه لجماليات بلاغية نثرها الحرف العربي في أنبل مقاصد ولي العهد الإنسانية، ومشكّلة ملامح القدوة الصادقة للشخصية الإسلامية.
كما رسمت صورة ولي العهد بعدًا دلالياً آخر ألا وهو توظيف السلطة للشعب بصورة إيجابية على عكس المعنى المتداول المعلوم، وهذا ما عجز أن يرسمه الفلاسفة لندرة مثل هذه المواقف بين الحاكم وشعبه حفظ الله لنا ولي العهد حبيب الشعب والمسلمين نستأثره بدعائنا فهو بعد الله مصدر أماننا.
ويبقى للشعر العربي الفصيح منه والنبطي صوت تفاعلي يدل دلالة الإبداع في قراءة الصورة بعمق شاعري وإحساس بالانتماء قوي، نجدها عند شاعرية الدكتور (بندر العسيري) نقلَ فيها الحدث والصورة عبر رحلة بكل ألوان سلطتها جمالية، حكمت المكان والزمان لتقتبس من ولي العهد همّته في طموح يعلو على السلطة:
هذي العواصمُ أَشرَعتْ أبوابَها
لكَ يا وليَّ العهــدِ تنشدُ هِمَّتَك
عَرَفَتْـــكَ يا رمـزَ الزعامةِ رائدًا
فتسابقتْ بعلومِهَـا لتُصافِحَـك
واستَبْشَرتْ بكَ سيدي كُلُّ المُنَى
وتلألأتْ مِثْلَ النُّجـــومِ فضائِـلُك
وتزينتْ لُغــــةُ البيــانِ كأنَّها
وردُ الخَمِيلةِ يَرتَـوي مِن مَبْسَمِك
فالشاعر هنا طوّع القوافي ليرسم للسلطة قوة تكاملت بحضور شخصية ولي العهد مع عبارته الموثّقة في سبيل تعزيز العلاقات المتبادلة والمنفعة، فالسلطة هنا وظّفت معالم الثقة التي يغرسها القادة بينهم وقل من يلهم بصوت خطابه الطرف الآخر، يقول (أبراهام لنكولين) «باستطاعة كافة الرجال تقريباً تحمل المحنة، لكن إذا أردت أن تختبر شخصية الرجل، أعطه السلطة» وقد أثبت قادتنا -رعاهم الله- بصنيعهم المحنك ما يفوق هذه الفلسفات، فلغة الأرقام برهان لمؤشر زمام السلطة وزعامتها لمعشوقتنا السعودية باتفاقياتها الآسيوية والدولية، وإسهاماتها الخيرية الإنسانية.
يقول (مارتن لوثر كنغ) «لست مهتماً بالسلطة من أجل السلطة، وإنما مهتم بالسلطة التي تكون أخلاقية وصالحة وتتبع الحق» اتفق مع مارتن في تفسير السلطة، بل ونبرهن من زاوية أخرى أن السلطة لدى قادتنا -أيَّدهم الله- نشأت بغراس قيم وتأسيس من الطفولة بالعلم مدعم، لنجدها اليوم في وسط معارك العالم بالفعل الإنساني قرارها ذو سيادة معظّم، وتأثيرها الاستثنائي من الله مسدد مقوّم، هي مدرسة خادم الحرمين الشريفين الإسلامية نشأ في ظلالها ولي العهد وطفولته من الأمس ترسم ملامح قائد هو اليوم عَلَمٌ، في السياسة.
هذا ما جعل اليوم لاسم (محمد بن سلمان) رنة صوتية طقوسها بكل اللغات نطقت إخبارية وأدبية وفنية وإعلامية، تحمل في دلالاتها تشكّلات متنوعة للتواصل والتفاعل مع أقوله وقراراته ولقاءاته وزياراته وتفاعله المتواضع الذي لمسناه بمجتمعنا قبل أن نقرأه ونتتبعه بالخارج.
وقد قرأت عن التداولية في تبادل الأدوار بين المتكلم والمخاطب، ذكرها الدكتور عبدالله الخضير في كتابه (التوظيف التداولي لأسماء الأعلام المرجعية في الشعر العربي) الصادر من نادي أبها الأدبي «التداولية تلك المنهجية التي تدرس الجانب الوظيفي والتداولي والسياقي في النص أو الخطاب، وتدرس مجمل العلاقات الموجودة بين المتكلم والمخاطب، مع التركيز على أفعال الكلام داخل النص» وهذا ما حصل بالفعل عند قراءتي لصورة الخطاب وولي العهد يمسك بالقلم ليخط من هويته المتأصلة بالمنطق العربي البارع، ويزخرفها من سلطته القيادية الجاذبة ويختمها بختم الصدق وتحقيق الحقيقة المتسامحة المسالمة، لأرسل من خلالها عدة رسائل، لعل سلطة القلم أن ترسم الحكمة بحجة تبرهن للجماهير أن منبع القوة الحقيقية في عقول سمت بكل طاقاتها لتخطّ من سلطة التوجيه ما يعدّل قرار أو يحسم ثمّة جدال قام على التكرار ومرارة رأي ليس لها قرار، وهنا أضع من التداولات رأيًا لعله يصل لأصحاب القرار، ففي منظومتنا التعليمية بات اليوم مطلباً لإدراج سيرة ولي العهد السعودي (محمد بن سلمان) ضمن مناهج التعليم ليتعمّق معها أجيال الوطن ويتعايش مع طفولة سموه -حفظه الله- ومع مراحل دراسته الثانوية والجامعية فيقتبس منها التجارب القيادية والحنكة المعرفية التي مارسها لتجعله شخصية استثنائية بهذا العصر، وكوني أحمل على عاتقي تأصيل اللغة العربية كمربية للأطفال ومثقفة أكتب لهم أصدق مقال، كما يراها الفيلسوف (إدوارد سعيد) «على المثقف أن يتحمّل تمثيل الحقيقة بأقصى ما يستطيع من طاقة» لأقرأ من صورة الحدث ملامح عزّ للهوية اللغوية المتمثلة بلغتنا الرسمية (اللغة العربية) أرسلها ولي العهد -حفظه الله- في خطاب سطره بحروف عربية، لتكون رسالة سياسية عمقها الاعتزاز بقيمنا وهويتنا المتأصلة من لغة القرآن وجماليات الخط العربي وتوثيقها بالتأريخ الهجري، وأراها من ناحية أخرى رسالة يصل صداها للداخل لأصحاب قرار يمتلكون السلطة حكموا بالعزلة للغة العربية فيما يقيمونه من محافل دولية ومؤتمرات علمية ولقاءات رقمية وتدريبات إعلامية ومسرحية وفنية وترفيهية، لعلنا نجد مستقبلا من تمكين السلطة بالعكس في إلزام الأجنبي التحدث بالعربية دون أن نرغم أفواهنا النطق بلغة أجنبية بدارنا العربية السعودية.
ومسك الختام بمقولة المجد من (محمد بن سلمان) -حفظه الله- «إنه لمن دواعي سرورنا أن نلتقي بفخامة الرئيس يون يول خلال زيارتنا لجمهورية كوريا? والتي تؤكد حرصنا على مواصلة تعزيز العلاقات بين بلدينا الصديقين» لأرسم منها لغة ذات سلطة على القلم (بالسرور والتسامح، علاقاتنا تتواصل بالتناصح، وأوطاننا بالخير تتصالح).