الثقافية - حاورته - مسعدة اليامي:
أكد في حوار خاص للجزيرة الثقافية الأستاذ سعيد آل مرضمة: إن الإدارة مظهر إبداعي لمجمل فنون القيادة، والإبداع مظهر إداري لمجمل الطاقات المتقدة حسا وجسا. وأجد أن العمل الإداري أكثر إرهاقاً لأنه يرتبط مع المثقفين وخدمتهم، وتقديم كل التسهيلات لهم، أما العمل الإبداعي فحالة جميلة لا يشاركك فيها أحد ولقد زوّد النادي 88 مكتبة منزلية خلال عام 2022م وتلك من المبادات التي تساهم في نشر وتسهيل الوصول للمعرفة من خلال الكتاب الذي يعد المصدر الأول للثقافة المعرفية.
* ما هي الوصية التي قالها لك: صاحب السمو الأمير جلوي بن عبد العزيز أمير منطقة نجران من أجل أن تكون الحركة الثقافية في نماء وتطور؟
- دائماً صاحب السمو الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد متابع وناقد لكل ما يقدمه النادي الأدبي، ويناقش في كل صغيرة وكبيرة، رغبة في التطوير ولا أنسى اللقاء الأول بسموه حينما أوصاني بأن نكون يداً واحدة، وقلباً واحداً ينبض ولاءً ومحبة لهذا الوطن، فعادة ما تكون وصايا سموه قناديل في ليل الظلام وبياضاً في سماء السلام، ولم يغفل سموه بأن يوصي بشريحة الشباب التي يجب أن يتوجه لها النادي بالعناية والرعاية كونه (النادي) حاضنةً للفكر ومنطلقاً لحروف المبدعين وكتاب المستقبل الذين تزخر بهم المنطقة.
* حالياً مر أكثر من عقد على توليكم دفة الحركة الثقافية بمنطقة نجران - نائباً للرئيس ثم رئيساً، ماذا قدمتم خلال ذلك من نشاطات ثقافية؟ وبماذا تطمحون في المستقبل القريب؟
- من الصعب إحصاء ما يقوم به المهتم في مجال لطيف وشفيف كمجالي الأدب والثقافة، بيد أني أجملها في عدة نوافذ:
إتاحة كل الفرص الممكنة للكتاب والشعراء من الجنسين لاستيطان ناديهم مكاناً، والعبور خلاله نشراً وتأليفاً, استقطاب الأقلام الثرة والعقول النيّرة عبر منصات النادي: المنبر، المسرح، الفضاء, تجسير الهوة بين محترفي وهواة الأدب باحتواء من ألفة واحتفاء دون كلفة.
أما الطموح فلا يعد كذلك ما لم يكن ممتداً بلا مدة، ومحتداً بلا شدة، الطموح ما يفعل لا ما يُقال.
* الكثير من المثقفين والمثقفات يشيدون ببناء النادي الأدبي كونه من وجهة نظرهم صرحاً من صروح الثقافة حدثنا عن ذلك المنجز بالتفصيل الدقيق؟
- البناء أحد مظاهر النماء بشكله الحيوي، فالخلية للنحل ليست مظهراً جمالياً بقدر ما هي بناء هندسي حيوي ملائم لحياة تفيض شهداً.
حيث يتكون مبنى النادي من صالات متعددة، أهمها:
القاعة الكبرى التي تتسع لستمائة مقعد مقسمة على طابقين، وصالات لكبار الزوار، ومكتبة للأطفال، وأخرى للكبار.
أما الدور الثاني يتكون من إيوان نسائي، وقاعة ورش تدريب، ومكاتب إدارية، وما يميز مبنى النادي بأنه تمت إضافة هوية ثقافية من خلال النقوش والجداريات العملاقة التي أضفت على النادي متعة بصرية للزوار، وكان ذلك تعاوناً مع الفنان المبدع حسن آل شرية، وامتد العمل في النادي بوضع المسارات الذكية على أرضية النادي لخدمة شريحة المكفوفين.
* ثلاثية الإبداع الأدبي التي عرفت عنك من خلال فن أدب الرسائل ثم الرواية ثم القصة، كيف صنعت تلك الفنون بداخلك؟ وبماذا تفكر من أجل تطويرها و تنميتها؟
- شكراً للسؤال، حقاً إن ثلاثية هذا العقد الأدبي متناغمة حد التشابه أو التماثل، فالرسائل: قلوبنا تنهم برقة مداداً، والرواية جملة من الأحداث والشخوص تؤدي بعمق مفاداً، والقصة بطولة تتخذ من الاقتضاب عماداً.
هذا العقد الثلاثي اللآلئ يتطلب دوامًا من عشق لا يتأتى إلا برتق من أرق.
* كيف تتقاطع بداخلك الأعمال الإدارية والإبداعية وأيها أرهق الآخر؟
- نعم التقاطع ذلك بين الإدارة والإبداع؛ فالإدارة مظهر إبداعي لمجمل فنون القيادة، والإبداع مظهر إداري لمجمل الطاقات المتقدة حساً وجساً.
وأجد أن العمل الإداري أكثر إرهاقاً لأنه يرتبط مع المثقفين وخدمتهم، وتقديم كل التسهيلات لهم، أما العمل الإبداعي فحالة جميلة لا يشاركك فيها أحد، تغوص في متعتك وتكافأ نفسك بنشرها لأنظار الآخرين متى أحببت.
* حدثنا عن مكتبتك الخاصة ومنذ متى بدأت القراءة وما الكتب التي ترى أنها كانت سبباً في شق ساقية الإبداع الأدبي عندك؟
- كالمعتاد بدأت القراءة في مكتبة المدرسة لأجدني رفيقاً لصيقاً للكتاب، ثم امتدت هذه العلاقة لأقتني مكتبتي الخاصة كتاباً، كتاباً على مر السنين، لتكون مجمل تلك الكتب رافداً ثراً لما يراه غيري إبداعاً، وأراه إمتاعاً.
وأبرز بداياتي كانت كتب المنفلوطي واجاثا كريستي, وأجد بأن كل كتاب إبداعي له بصمة في حياتي مهما كان جنسه، فلا أتوقف عن قراءة أي كتاب لأي كاتب.
* ماذا عن مكتبة النادي وما هي الشروط في دعم من يريد أن يكون عنده مكتبة خاصة من قبل النادي وكم مكتبة خاصة أنجزتم إلى اليوم وما أهم الكتب التي زوّدت بها تلك المكتبات؟
- تم بحمد الله تعالى تأسيس مكتبة خاصة بالنادي تحتوي قرابة على خمسة آلاف كتاب مفهرس للاطلاع والاستعارة لمرتادي النادي.
ليس هناك من شرط، بل هنا دعوة لمن يريد إغناء مكتبته الخاصة بإمدادها بباقة من مطبوعات النادي، وقد زوّد النادي 88 مكتبة منزلية خلال هذا العام 2022 ، بالإضافة إلى مكتبة متجددة في صالة المغادرين بمطار نجران تزوّد بمختلف الإصدارات أسبوعياً.
* ما الأهداف الثقافية والمعرفية من الشراكات الاجتماعية المتعددة التي قام بها النادي مع العديد من الجهات؟
- كل شراكة محصلتها الثقافة والمعرفة هي شراكة تهدف للتغير، فالتطوير بآلية التأثير بالمجتمع وفيه.
وسعى النادي لعقد شراكات عديدة مع كثير من المؤسسات الحكومية والأهلية التي لها علاقة مباشرة بعمل النادي، وركّزنا على جانب التعليم والذي يوجد به الفئة الأكبر والأهم لاكتشاف وتنمية مواهبهم.
* قراءتك لحركة نادي نجران الأدبي الثقافية خلال أزمة كورونا؟
- كورونا كانت جائحة أثقلت الحركة خارجاً، وشحذت التحرك دائماً، فعاد القراء لهوايتهم وأجمل اهتماماتهم، انطلق النادي من خلال مسؤولية الاجتماعية لنشر الوعي لدى المواطنين والمقيمين، إذ قام بإنتاج فيلم توعوي باسم (سمعاً وطاعة لعيون الوطن) كان نادراً من نوعه فكرة وإخراجاً بلغات مختلفة لجنسيات مقيمة ووطنية, كما قام النادي باستضافة شخصيات عبر منصة زووم النادي وكذلك توزيع دفعات من الكتب مجاناً.
* الكتابة الأدبية تحتاج إلى جهد كبير من القراءة المتنوّعة والهدوء، وقد يكون ذلك صحيحاً عند البعض ولكن ماذا تحتاج أنت من أجل أن تكتب؟
- أحتاج إلى أن أقرأ الكون من حولي لأكتب، فقد يثير شدو عابر علاقتي بالعصفور فأكتب له أو به. إن علاقة الكاتب بمحيطه الملاصق هي ما يدعوه للكتابة.
* بعدما نشر خبر مهرجان قس بن ساعدة الأدبي الثقافي كيف كان تفاعل المهتمين بالمشهد والحركة الثقافية لذلك الخبر، وهل سيكون مختلفاً عن سابقيه؟
- نجران دائماً تسعى للإبداع والتميز، فلا غرابة بمجرد سماع عودة هذا المهرجان الذي كسب شعبية لدى مثقفي الوطن أن أجد تفاعلاً لدى أبناء نجران المهتمين بالأدب والثقافة والتاريخ, وكعادة أبناء وبنات نجران يجتمعون لينفعوا, ويتعاونون ليرفعوا. وبإذن الله سيكون المهرجان مختلفاً بما يحتويه كما كان سابقاه مختلفين عن المعتاد والمطروق.
* نادي نجران الأدبي هو النادي الوحيد الذي يطبع خارج دار الانتشار العربي ما الأسباب في ذلك وكم دار تعامل معها النادي وما هي الصعوبات وما هي النجاحات وما هي الخبرات المكتسبة؟
- تعتبر الدار الحالية (دار أثر) من أشهر دور الطبع والنشر بالمملكة حاصلة على جائزة وزارة الثقافة وكان تعاملنا مع هذه الدار تعاملاً عقدياً ذا مصلحة مشتركة بينها وبين النادي, فكلاهما يمثّل منصة للآخر.
* كيف ترى مشاركة النادي بالمطبوعات الأدبية في معارض الكتب المحلية والعربية؟
- أراها مشاركة جيدة رغم وجود الكثير من الأعباء المالية على النادي من قبل وزارة الثقافة، حيث إن النادي يقوم باستئجار ركن مستقل بمبالغ تقل كثيراً عن عائد المبيعات وهذا نداء لوزارتنا المبجلة بأن تكون أنديتنا الأدبية مشاركتها بالمجان ونطمع أيضاً بأن يقدم نوعاً من الدعم المالي للأندية المشاركة بمعرض الكتاب لضعف إمكانيات الأندية الأدبية كما يعرف الجميع.
* وماذا تقول عن معرض الرياض الدولي للكتاب؟
- أصبح منارة يهتدي إليها محبو الأدب والثقافة لما تقدمه من أنشطة مصاحبة للعرض كالترجمة وفعاليات الطفل الثقافية, وتمنيت أن تكون الفعاليات المصاحبة أقل ليتم التركيز على الكتاب بالدرجة الأولى.
* وما رأيك فيما ذكر بأن السعودية ستشهد معارض كتب جديدة كان أولها معرض المدينة المنورة؟
- المملكة بلد الثقافة والعلم يخرجان منها ويؤوبان إليها, فلا غرو أن تبقى المملكة في مكانتها المعلومة والمأمولة. والشعب السعودي شعب مثقف يزحف نحو منابر الثقافة والعلم، ولنا في معرض الرياض الدولي للكتاب وأيضاً معرض جدة خير شاهد، حينما نتابع نسبة الحضور من المناطق الأخرى فنجدها تستحق أن يتنقَّل هذا المعرض في مدن كثيرة؛ لتعم الفائدة.
) وماذا تأمل أن يكون معرض نجران الدولي للكتاب عندما تشمله الخطة؟
- آمل ذلك وحينها سيبلغ الإبهار آفاق المدار وستدركه الأبصار بإذن القوي الجبار، ونجران لها تجارب سابقة مع معارض الكتاب في نسخ مهرجان قس بن ساعدة والتي حققت نجاحاً باهراً، أهل نجران لهم علاقة قوية مع الكتاب منذ وقت طويل، وتزخر مكتباتهم المنزلية بأمهات الكتب.
* الجمهور لا يري إلا الطبعة أو المشهد الأخير عن جهد لا يعلمه إلا الله، عملك يحتاج إلى جهد بدني ونفسي وتكوين علاقاتك وسفر دائم في ظل ذلك القليل المذكور ماذا تقول، وماذا تقول عن الاستقرار الذي تحتاجه الأسرة في ظل انشغالك الدائم؟
- أسرتي تسكنني أينما أرحل، أرحل بهم، وأودعهم روحي حيث إقامتهم. ولا شك بأن هناك بعض القصور في التواجد معهم، ولكنهم تعودوا على ذلك، فيضعون لي العذر أحياناً، ويقدمون اللوم في حين آخر.