د.عبدالعزيز الجار الله
لا أحد (يزايد) على حب الأوطان، فالمشاعر الوطنية دائماً هادرة، هي مثل ماء النهر لا تتوقف ولا تعكس مجرها إلا -لا سمح الله - إذا حدث هزة أرضية زلزال وانكسارات قد يغير النهر مجراه، مثل هذه المشاعر يتشارك بها الجميع، فعندما لم أتمالك نفسي في العشر الدقائق الأخيرة من مباراة منتخبنا ضد الأرجنتين ظهر يوم الثلاثاء الماضي 22 نوفمبر 2022 والتي انتهت لصالحنا، قرَّرت أن أترجل بخطوات متثاقلة لأصل إلى أقرب مقهى قرب المنزل، لعل وعسى تمر الدقائق سريعاً، جئت للمقهى الذي حوله صاحبه إلى عدة شاشات تلفزيونية مجانية للجمهور في رصيف واسع لمشاهدة مباريات كأس العالم المقام حالياً في دولة قطر، وهذا تقليد متبع في كل دول العالم، بعض المدن تبادر البلديات بتوزيع شاشات ضخمة على نواحي المدن، فما شد انتباهي في المقهى الواقع على شارع فرعي هو الحشد الجماهيري من جميع الجنسيات والبلدان الرجال والنساء وحتى الشباب الصغار استمروا وقوفاً وهم يشجعون المنتخب السعودي بحماس وانفعال لا حدود له.
أنا أيضاً لا أريد المزايدة ولا استغرب فالحب في قلوب الآخرين مزروع حتى تأتي المناسبات لتكشف عنه، لكنه التفاف رائع من أخوننا العرب وغير العرب من معظم الجنسيات التي لها وجود في بلادنا، من جنوب وشرق آسيا، ومن آسيا الوسطى ومن غرب آسيا ومن المشرق العربي ومن المغرب العربي والشرق الإفريقي، الجميع يشجع السعودية ويناصرها، رغم أننا قلة من السعوديين وسط إخواننا الذين قد يكونون عطلوا أعمالهم وجاءوا لمناصرتنا.
بلادنا -الحمد لله - لها محبة في قلوب الشعوب لعوامل عديدة منها: العاطفة الدينية من المسلمين، تعاملات القيادة في فتح أبواب الحج والعمرة والزيارة والعمل للجميع، المجتمع السعودي الذي اعتاد على الاستقبال والضيافة الذي تلقاه من سجل تاريخي بفضل الله ثم بفضل المدينتين المقدستين (مكة والمدينة).
وهنا لا بد أن نتنبه: أن لدى من يعيش يننا من إخواننا المقيمين مشاعر حب كبيرة لنا لكنها لا تظهر وغير مشاهدة لقلة المناسبات العامة، لذا لا بد من استثمار مشاعر المحبة لدواع إنسانية وأخوية وتبادل مصالح الأطراف لنكون بلاد وشعب قدوة ومضياف ومحب، وبالمقابل يكون المقيم الذي لا نفصله عنا بالقول والعمل المواطن والمقيم يكون مقيماً صالحاً محباً لوطنه الثاني، لديه الغيرة والعاطفة لهذا الوطن الكريم في تعاملاته.