سلمان بن محمد العُمري
لا يختلف اثنان على فضل التبرع بالدم لأنه عمل عظيم، وثوابه كبير، وقرب يرجى جزالتها من المولى عز وجل، قال تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}، وقوله تعالى: {وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، وفي هذا العمل الإنساني النبيل تعاون على البر والتقوى، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، وفيه إعانة لذي الحاجة الملهوف، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «من يكن في حاجة أخيه يكن الله في حاجته»، وقوله عليه الصلاة والسلام: «صنائع المعروف تقي مصارع السوء»، وقال: «من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة».
وإذا كان للمتبرع بالدم فضائل وحسنات وأجر من رب العالمين وفق ما تؤكده الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الشريفة؛ فإن هناك ثمة فوائد صحية واجتماعية على الإنسان نفسه، ووفق ما كشفته الأبحاث والدراسات الطبية أن التبرع بالدم يعوض المفقود خلال أيام بخلايا أكثر نشاطاً وحيوية في تأدية المهام المطلوبة منها.
الدولة- أيدها الله- أنشأت المؤسسات الطبية، ووفرت مقرات وتجهيزات بنوك الدم، وكرمت المواصلين في التبرع بالدم بأوسمة، وقدمت تحفيزات وتسهيلات لهم، ولكن ثمة عوائق لهذه الصدقة التي أتمنى الاستمرار عليها كل شهرين إلى ثلاثة أشهر لمن لديه القدرة على التبرع لأن هناك محتاجين، واحتساب ذلك صدقة لوجه الله تعالى.
إن من العوائق والمعضلات التي تواجه المتبرعين، أوممن يرغبون في التبرع أن بنوك الدم لا تعمل أغلبها في نهاية الأسبوع، إن لم يكن جلها!!، وهذا الوقت عامل مشجع وفرصة سانحة للمتبرعين لأنه في بقية أيام الأسبوع تجدهم مرتبطين بأعمالهم، وارتباطاتهم في أوقات العمل الرسمي، كما أن حل تلك المعضلة يمكن حلها وبسهولة من قبل الجهات المختصة، وأثرها كبير، ونفعها عظيم على الجميع، ومن المفترض أن تفتح بنوك الدم طوال اليوم على مدار الأربع والعشرين ساعة، وتكون قريبة من أقسام الطوارئ والإسعاف بالمستشفيات، مما يشجع ويحفز المتبرع على المسارعة والمبادرة حينما يجد خدمات ميسرة، كما يمكن منح المتبرعين مكافآت ليست مالية بل درجات تطوعية، تعطيه نقاطا إذا كان موظفاً، ودرجات إذا كان طالباً، وإجازات من العمل لمن يثبت تبرعه ومساهماته.
ومن العوائق أيضاً عدم وجود مواقف مخصصة قريبة لبنوك الدم لتحفيز الناس على الحضور والمشاركة، وقد حدثني من أثق في حديثه عن قصة قريبة له احتاجت التبرع بالدم، وهب الأهل والأقارب ومحبو الخير للمسارعة في تلبية الواجب الإنساني، واصطدموا بعدم وجود مواقف ميسرة قريبة، مع تحديد ساعات العمل لمدة محدودة.
في تصوري الشخصي أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق وزارة الصحة، والقطاعات الطبية في وزارة الداخلية، والدفاع، والتعليم وغيرها لمعالجة تسهيل الإجراءات للمتبرعين بالدم، وإزالة العقبات، والعمل على وضع برامج وخطط للتوعية مكثفة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، كما أنه من الأهمية بمكان استمرار عمل مراكز التبرع بالدم المتنقلة «السيارات»، وعدم حصرها في ساعات معينة، وتحفيز القطاع الصحي الخاص بالمشاركة من منطلق المسؤولية الاجتماعية في المجتمع.
وأتمنى كذلك أن يتم النظر مستقبلاً عند التخطيط والبناء للمجمعات الصحية والمستشفيات أن يكون مقر بنك الدم في أطراف المبنى أو أرض المجمع حفاظاً على الوقت والجهد بحيث لا يضطر المتبرع بالدم للدخول للمجمع الصحي.
آمل أن تجد تلك الملحوظات آذاناً صاغية، ولنكرس مفهوم دمك صدقة، وقبلها إزالة العوائق عن المتبرعين بالدم.
دمتم بخير وصحة وعافية.