د.حماد الثقفي
قبل عقود، كان العالم الخارجي بقبضة أكبر قوتين في العالم، منذ أول مرة للإنسان على سطح القمر عام 1969، حينما كان الاتحاد السوفياتي بعهده، مع الولايات المتحدة، لتخرج من ساحات ملعبه، لكن الآن لم يكن حكراً على أحد ليتقاسم ملعبه حالياً أكثر من تسعين دولة فتغيرت الأمور، وفق إحصائيات، حجم اقتصاد الفضاء العالمي البالغ 370 مليار دولار عام 2021، ليصل وفق بعض الخبراء بحلول عام 2030 إلى 642 مليار دولار بنمو 75 %، بينما يراه آخرون أنه سينمو ليصل إلى 1.1 تريليون دولار عام 2040 و2.7 تريليون دولار بحلول عام مقابل نحو 400 مليار دولار خلال عام 2019 وجائحة كورونا.
إن الاستثمار الخاص في شركات الفضاء بلغ في 2020 نحو 8.9 مليارات دولار، ليصل حجم الأقمار الصناعية الاستكشافية 1736 قمراً صناعياً حول العالم، حيثُ لم يقتصر الأمر على الحكومات لتُزاحمُها بعض الشركات بتكاليف منخفضة لإطلاق صواريخ وأقمار صناعية للفضاء، والتي تعدت العشرة آلاف شركة وأكثر من خمسة آلاف مُستثمر في صناعة الفضاء، وهو مؤشر على خطوات متسارعة في اتجاه نمو «اقتصاد الفضاء»، منذ منتصف 2020 بدخول شركة سبيس إكس التاريخ كأول شركة خاصة ترسل بشراً إلى الفضاء، ويلاحظ زيادة الاستثمار المدعوم من الحكومة السعودية في مشاريع الفضاء حول العالم، ففي 2021 كان هناك ارتفاع 19 % في الإنفاق الحكومي الإجمالي على برامج الفضاء العسكرية والمدنية على مستوى العالم وهو أسرع معدل نمو منذ 2014، كما رفعت الهند نفقاتها الفضائية 36 %، والصين 23 %، والولايات المتحدة زادت استثماراتها 18%، أي ما يعادل 12% من الإنفاق العالمي على الفضاء.
لقد استضافت المملكة في أحلك أحداث العالم (فيروس كورونا، والتضخم والركود الاقتصادي العالمي ...)، الاجتماع الأول لقادة اقتصاد الفضاء بقيادتها G20 وبادرت بمبادرة استثنائية وتاريخية على الاقتصاد الفضائي، حيث بلغ حجم اقتصاد الفضاء في دول مجموعة العشرين أكثر من 390 مليار دولار في عام 2019، تتضمن الإنفاق الحكومي وإيرادات القطاع الخاص، وهو ما يمثل 92 % من جملة الاقتصاد العالمي، لذا وضعت المملكة ذلك في أولويتها ضمن محور «تشكيل الآفاق الجديدة»، والتي تنص على: «تعزيز التعاون في مجال الفضاء»، حيث بينت دراسة سعودية خلال رئاستها لدول العشرين وجود «11» أولوية من أصل «22» أولوية يمكن أن يساهم اقتصاد الفضاء في إثرائها، لتتربع السعودية بسجلٍّ حافلٍ، كأول دولة عربية تشارك في رحلة الفضاء ديسكفري 1985، بعهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، لتمضي المملكة رؤيتها في ركب علوم الفضاء وأبحاثه، لتشهد مرحلة جديدة من صناعة الفضاء واقتصاده، بدءاً من إطلاق 16 قمراً اصطناعياً سعودياً إلى الفضاء بين أعوام 2000– 2019، بإشراف مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية «كاكست»، كان آخرها القمر السعودي للاتصالات SGS1حاملاً توقيع ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، «فوق هام السحب».