صيغة الشمري
استمتعوا.. وصية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للاعبي الأخضر قبيل انطلاق بطولة كأس العالم قطر 2022 كان لها مفعول السحر وانعكس صداها في أرجاء ملعب لوسيل ليتحقق الفوز التاريخي على منتخب الأرجنتين المرشح فوق العادة للظفر بالكأس الذهبية.
استمتعوا.. ليست وصية رياضية؛ بل هي نهج عهد يستمتع ويمتعنا بتحويل المستحيل لواقع ملموس، ويصنع من التحديات فرصاً للنهضة والتقدم والإنجاز. فكان الإنجاز الرياضي التاريخي مكملاً لمتوالية الإنجازات على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية في بلد لم يعرف المستحيل منذ نشأته الأولى.
هو فوز خارج الملعب؛ انتصار لفكر لم يرتهن للأماني بل للعمل والسعي، يأخذ بالأسباب ولا يكتفي بالدعاء، يراهن على ما ملكت يداه من مقومات النجاح والتفوق والتقدم، يعمل ويؤسس ويبني ثم يستمتع بالنتائج ويحتفل بها ويبدأ بالتفكير وبالعمل لتعزيزها وتعظيمها.
في السياسة لم نتكئ على تحالفات تقليدية، وسعنا مروحة تحالفاتنا واستدرنا نحو الشرق بثقة دون أن نعطي ظهرنا للغرب، وجعلنا من المصلحة الوطنية بوصلة لتحديد طريق تحالفاتنا وشراكاتنا الدولية واستمتعنا بتهافت الدول الكبرى لنيل الرضا فبعضهم أرضينا وبعضهم عاد بخفي حنين.
وفي الاقتصاد، بحثنا خارج صندوق النفط، ووسعنا خياراتنا ومصادرنا واعتمدنا على سواعد السعوديين بدلاً من سواعد آلات التنقيب، وفتحنا آفاقاً اقتصادية جديدة كانت في نظر الكثيرين مهمة مستحيلة، فاستمتعنا بمعدلات نمو تحدت جائحة وحرب ضروس وفاقت توقعات العالم وتفوقت على دول اقتصادية عظمى.
واجتماعياً؛ خلعنا عباءة لم تكن تشبهنا؛ وانفتحنا على هويتنا وتاريخنا وديننا السليم لا ذاك الذي ابتدعوه لنا، فاستمتعنا بعودتنا من غربتنا.
غاية القول؛ لم تكن وصية الاستمتاع بقصد التقليل من قدرات المنتخب السعودي بل وصفة سحرية فك شيفرتها أبطالنا وترجموها فعلاً مشرفاً على أرض عربية شقيقة فاستمتع العرب كلهم بنصر كروي سعودي يأتي مقدمة لنصر عربي يعد على نار الثقة والسعي والعزيمة.