رمضان جريدي العنزي
الناس أصناف منهم من يأخذ دون أن يعطي، ومنهم من يأخذ ويعطي، ومنهم من يعطي ولا يأخذ وهذا هو الفذ الكبير وصاحب الصفوة والتميز، وأرداهم النرجسي المفرط بالأنا والنرجسية، الذي يأخذ ولا يعطي ولديه في ذلك نهم وشراسة، يعشق نفسه، ويحب مصالحه، ولا يفكر إلا بالربح والخسارة، وله منحنى ضيق، يكثر الضجيج والعجيج، يغالط ويتحايل، ودائم الشكاوى والاعتراضات، عنده حيل وخداع، وله طنين يشبه طنين الذباب، ومواقفه زئبقية، وأما الآخرون عنده فهم في طي النسيان، ولهم الطوفان والغرق، أما صفوة الناس، ومرايا الحياة، هم الذين يعطون ولا يأخذون، ويفكرون بالآخرين، ولا يريدون منهم جزاء ولا شكوراَ، يخدمون البلاد والعباد، ويمارس أدواراَ غاية في الروعة، هم مشاريع إنسانية غاية في النبل، ورجال مخلصين، آثروا أن يعيشوا مع الناس ولهم، يشاركونهم السراء والضراء، والعناء والتعب، يعملون ذلك حباً بالإنسانية وتقديراً للإنسان، ويتشرفون بخدمته ومساعدته، لا يتزلفون ولا يتملقون ولا ينتهزون الفرص، وكأنهم عملة نادرة وثمينة، أن الحياة تستنير بهؤلاء تتمدد وتعلو وتكبر، عندهم صدق وصراحة وشعور راسخ بالإحسان، ينابيعهم معطاءة، ولهم عطاء فكري وعلمي وأخلاقي وروحي، لا يليق إلا بهم، أن لديهم حبا للحياة والناس يصنع الأعاجيب، واثقين من أنفسهم، ولديهم قناعة تامة بما يعملون، مؤمنين حق الإيمان بالقيم الإنسانية والروحية، ولهم مبادرات وممارسات غاية في الجمال، أن الحب الذي يشتعل في قلوبهم، يجعلهم يصنعون الأفعال كأنها ملاحم، لهم وجدان الأحرار، ونبل الشجعان، وعطاء الكرام، إنهم طراز رفيع، ولهم مراتب شرف مميزة، نابضين بالوضاءة والأناقة والجمال، ولهم بذل كبير في مجال التضحية والعطاء، قمم سامقة، وشخصيات استثنائية، ولهم خصال عابقة بالعطر والإشذاء، تفوح منها رائحة العزة والنبل والإحسان، إنهم جمال الحياة وبريقها، لونها البهي، وصورتها الناصعة، هؤلاء حتماَ سيخلدهم التاريخ، ويذكرهم الناس بالتبجيل والتقدير أحياء وأمواتاً.