د.عبدالعزيز عبيد البكر
الأمن السيبراني هو مجال متغير باستمرار مع تطوير التقنيات التي تفتح آفاقاً جديدة للهجمات الإلكترونية، وعلى الرغم من أن الهجمات السيبرانية الكبيرة هي التي يتم الإعلان عنها فقط، إلا أنه لا يزال يتعين على المؤسسات الصغيرة أن تهتم بالهجمات السيبرانية، حيث قد تكون غالباً مرتبطة بمنظمات أخرى كبيرة، ويستطيع المخترق الوصول لها وتكون هدفاً لعمل هجمات أوسع.
ولحماية المنظمات أو المنشآت والموظفين والأفراد، يجب على هذه المنظمات والخدمات تنفيذ أدوات الأمن السيبراني ووضع سياسات محكمة والتدريب واستشارات وأساليب إدارة المخاطر وتحديث الأنظمة باستمرار مع تغير التقنيات وتطورها.
يعتمد العالم على التكنولوجيا المتطورة أكثر من أي وقت مضى، نتيجة لذلك ازداد إنشاء البيانات الرقمية، فاليوم تخزن الشركات والحكومات قدراً كبيراً من تلك البيانات على أجهزة الكمبيوتر وتنقلها عبر الشبكات إلى أجهزة وخوادم وكمبيوترات أخرى، تحتوي هذه الأجهزة والأنظمة الأساسية الخاصة بها على نقاط ضعف ربما تؤدي عند استغلالها إلى تخريب وتعطيل المصلحة وتعطيل أهداف الناس.
يعد الأمن السيبراني مهماً لأن المنظمات الحكومية والعسكرية والشركات والمالية والطبية تجمع وتعالج وتخزن كميات غير مسبوقة من البيانات على أجهزة الكمبيوتر. يمكن أن يكون جزء كبير من هذه البيانات معلومات حساسة، سواء كانت ملكية فكرية أو بيانات مالية أو معلومات شخصية أو أي نوع آخر من البيانات التي قد يكون للوصول أو التعرض غير المصرح بها عواقب وخيمة.
لذلك يصبح متخصصو الأمن أكثر أهمية في هذا المجال وخاصة مع زيادة الحوسبة السحابية واعتماد الأعمال على التكنولوجيا، يتولى هؤلاء المحترفون مسؤولية الأمن السيبراني لمنظماتهم، ويراقبون البنية التحتية الأمنية الحالية لضمان حماية الأنظمة للمعلومات الحيوية، ويقومون بإجراء فحوصات منتظمة ويقترحون السياسات والتحسينات حسب الضرورة، مما يجعلهم مسؤولين عن مواكبة أفضل الممارسات والاستجابات للتهديدات والاختراقات الجديدة..
فبالتالي يتمتع المتخصصون في مجال الأمن بأهمية حيوية للعديد من الصناعات في جميع أنحاء الوطن، ويتمتعون بوفرة في فرص العمل في صناعات متنوعة مثل هندسة الطيران، والخدمات المصرفية والبنوك، والتصنيع وغيرها من المجالات الحساسة.
ومن هذا المنطلق، ونيابة عن سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله، افتتح صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض هذا الشهر في صباح يوم الأربعاء 15ربيع الآخر 1444هـ الموافق 9 نوفمبر 2022م، أعمال النسخة الثانية من المنتدى الدولي للأمن السيبراني، الذي تنظمه الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، تحت شعار «إعادة التفكير في الترتيبات السيبرانية العالمية»، واستمر يومين بمشاركة 120 متحدثاً دولياً رفيع المستوى من أكثر من 100 دولة، وقال سمو أمير منطقة الرياض في كلمته في افتتاح المنتدى: إن قطاع الأمن السيبراني يشهد تطوراً متسارعاً تتصاعد معه وتيرة التحديات التي يواجهها هذا القطاع الحيوي المهم؛ مما يجعل تعزيز وتضافر الجهود الدولية في الأمن السيبراني أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.
وأكد سمو الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز، أن المملكة حرصت وفق (رؤية 2030) على تعزيز مكتسباتها التنموية والاجتماعية والاقتصادية، في المجالات كافة، ومنها مجال الأمن السيبراني الذي أولاه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، عناية كبيرة ودعماً متزايداً، حتى أثمر ذلك عن حصول المملكة على المرتبة الثانية دولياً في المؤشر العالمي للأمن السيبراني لعام2021.
كما شهد المنتدى على مدى يومين، انعقاد أكثر من 30 جلسة حوارية، تتناول خمسة محاور أساسية، تناقش آفاق التغيير في الأمن السيبراني، والاقتصادات السيبرانية، والتطور الجيوسيبراني، ومستقبل العمل السيبراني، والأمن السيبراني للمجتمعات، حيث أصبحت منصة تفاعلية عالمية لجميع المعنيين والمختصين بمجال الأمن السيبراني من ممثلي القطاعات الحكومية والخاصة، والمنظمات غير الربحية، والأوساط التعليمية والأكاديمية حول العالم، بهدف نقل المعرفة حول موضوعات الأمن السيبراني، وبناء أسس التعاون بين الدول والمنظمات، ليصبح قطاع الأمن السيبراني عنصراً ممكّناً في مواجهة التحديات المستقبلية، وصناعة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة وحول العالم.
وأيضاً دعا سمو أمير منطقة الرياض، جميع المنظمات حول العالم المهتمة بالأمن السيبراني، إلى الانخراط مع المنتدى الدولي للأمن السيبراني الذي يقام بالرياض؛ للوصول إلى فضاء سيبراني آمن وموثوق، يمكّن من النمو والازدهار لجميع شعوب العالم.
وبالتالي، سوف تشهد المملكة العربية السعودية باستمرار قمماً عالمية سنوية فريدة من نوعها لم يُسبق أن عُقدت قمة عالمية بهذا المستوى ولم تشهده بلاد الوطن العربي مثل فعاليات بلاك هات موسم الرياض 2022 الذي يعتبر من أهم وأكبر الأحداث التي تقام في الوطن العربي للأمن السيبراني ومن رعاية كريمة من سيدي خادم الحرمين الشريفين وسيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتأتي هذه القمم - ولا شك - لتلمس خطوط المستقبل، والإمساك بخيوطه، لا سيما أن أصبحت تعاملاتنا الإلكترونية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالتكنولوجيا المتجددة وأصحبت تنخرط تدريجياً إلى مختلف جوانب حياتنا اليومية.
** **
- أستاذ الأمن السيبراني والتحقيقات الرقمية الجنائية المساعد بجامعة حفر الباطن،عضو مؤسس جمعية البحث العلمي.