تشرفت من فرع هيئة الصحفيين السعوديين في نجران بدعوة كريمة لزيارة نجران, بلد التاريخ والحضارة القديمة والحديثة، وسمحت لي ظروفي بتلية الدعوة ولله الحمد. تلك الدعوة تأتي ضمن الملتقى الإعلامي التوافقي الذي نظمته فرع هيئة الصحفيين السعوديين في منطقة نجران, بقيادة زملاء إعلاميين يقف أمامهم وفي مقدمتهم الأستاذ علي اليامي مدير فرع هيئة الصحفيين السعوديين بمنطقة نجران.
ما يجدر ذكره أن ذلك الملتقى, الذي أقيم ما بين يومي الواحد والعشرين والرابع والعشرين من شهر نوفمبر, يهدف إلى نشر ثقافة التوافق المجتمعي بين مواطني مناطق المملكة العربية السعودية، لأنه من المعلوم أن المثقف يعرَّف (بشد حرف الراء) اصطلاحًا بأنه الناقد الاجتماعي والذي همه بالدرجة الأولى أن يحدد ويحلل ويعمل من أجل تطوير وتجاوز العوائق التي تقف أمام بلوغ أي نظام اجتماعي أفضل المراحل والخطوات، كذلك ليكون النظام أكثر إنسانيًا وعقلانية. كما أنه أي المثقف يمثل القوة المحركة اجتماعياً للمساهمة في التطوير المجتمعي ليستطيع من خلال القوة الثقافية أن يفصل بين تهذيبات القول وتجليات الفكر.
الملتقى الإعلامي التوافقي الذي أُقيم في نجران كان من أجمل الخطوات التي عملت عليها هيئة الصحفيين السعوديين، وكان نجاحه نجاحًا يفوق الوصف من خلال بعض الكلمات. ففي اليوم الأول للملتقى تمت زيارة سمو أمير نجران صاحب السمو الأمير جلوي بن عبد العزيز -حفظه الله-, الرجل الذي اتضحت من خلال كلمته التي ألقاها حرصه الشديد على مثل هذه اللقاءات، فلا يسعني في هذا المقام إلا أن أقول هنيئًا لنجران بهذا الأمير الفذ، بالمقابل أهنئ ذلك الأمير بأهل نجران الكرام. أهل نجران وشعارهم مرحبًا ألف يكفي منهم ذلك الحجاج المبستم كما يقال لدينا في نجد عندما يرتاح الشخص عند ضيفه. عن أي كرم أتحدث عن أي بشاشة وجه أوصف، عن أي حفاوة أقول، الأمر لا يمكن تصوره والله على ما أقول شهيد. تأخرت على الباص المعد لنقلنا إلى القصر التاريخي في وسط مدينة نجران فطلبت عبر أحد التطبيقات سيارة أجرة وإذا بقائدها شاب لطيف عبر الحوار معه عن المكان الذي أنوي التوجه إليه عرف أنني ضيف فأقسم إيمانًا مغلظه أن لا يأخذ مني أجرة المشوار، وقال: أنتم ضيوفنا. كرم لا حدود له وبشاشة وجوه لا يمكن تصدقيها ولا الإحساس بها إلا بملامستها من أولئك المواطنين. حاولت بذلك الشاب وأخذت رقمه ولازلت أحاول أن أعطيه عرق جبينه ولكن الإصرار من قبله سيد الموقف. عبر تطبيق (الوتس آب) أرسل لي رسالة بعد إلحاحي عليه مفادها (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أنا طالبك تعفيني هذه المرة واعتبرها وصلت وأنتم ضيوفنا). سأحتفظ بهذه الرسالة لأعلمها أبنائي وطلابي وكل من أواجهه لأوصل رسالة أننا شعب نعيش في وطن جميل يقوده حكام أجمل ولله الحمد. قبلها مناسبة أقامها أحد وجهاء مدينة نجران، إنه الشيخ مسعود آل حيدر -حفظه الله، فأقول له عبر قلمي: بارك الله في مالك وحياتك وولدك وخلَّف الله عليك. في اليوم الأول من الملتقى وفي مساء يوم الاثنين افتتح سمو أمير نجران الملتقى في النادي الأدبي في نجران، حضره جموع من المثقفين والمواطنين أيضًا فرحًا بهذا الملتقى. من برامج ذلك الملتقى زيارة مدينة الأُخدود الأثرية الجميلة مع برامج أخرى مصاحبة تعكس تاريخ نجران العريق وما حظيت به من حضارة وتراث واقتصاد وسياحة مميزة. جلسات إبداعية فنية متنوعة في مضمونها ومقدميها وضيوفها أقيمت على هامش الملتقي. كان الحضور مميزًا ونوعيًا كما خُطط (بضم الخاء) له من جميع مناطق المملكة، علمًا أنه تم استقبال منطقحائل كضيف ثقافي استثنائي من قبل الملتقى وهو ما يعزز أواصر الترابط والتواصل بين مناطق المملكة العربية السعودية. أخيرًا شكرًا هيئة الصحفيين السعوديين شكرًا وللقائمين عليها يأتي في مقدمتهم الأستاذ خالد المالك عراب الإعلام السعودي.