علي الزهراني (السعلي)
يقول: أبو العلاء المعري:
قلّ الثّقاتُ فلا أدري بمن أثِقُ
لمْ يبقَ في النّاسِ إلا الزّورُ والملقُ
ويقول المتنبي أيضاً:
إذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ
فَلا تَقنَعْ بما دونَ النّجومِ
فطَعْمُ المَوْتِ في أمْرٍ حَقِيرٍ
كطَعْمِ المَوْتِ في أمْرٍ عَظيمِ
يرَى الجُبَناءُ أنّ العَجزَ عَقْلٌ
وتِلكَ خَديعَةُ الطّبعِ اللّئيمِ
وكلّ شَجاعَةٍ في المَرْءِ تُغني
ولا مِثلَ الشّجاعَةِ في الحَكيمِ
هنا شاعران تناولا الثقة والهِمّة بمنظور مختلف وهذا شأن الشعراء في اختلاف وجهات نظرهم في الناس والحياة عموماً, سردي لهذه الأبيات جعلته مرتكزاً ومنطلقاً بإرسال رسائل مهمّة أو هكذا أعتقد وأجزم فالكتابة شكل تعبيري مهم للمثقف بأن يكتب ويظل يكتب, فما هي تلك الرسائل ؟
أولاً: اعتمادنا على الحرف أولاً، والثقة بما نكتب لأنفسنا قبل كل شيء ثانياً، فالثقة تبدأ بأن ما تكتبه حروفنا هي جواز عبور للمتلقي الحصيف والذكي جداً فمواقع التواصل الاجتماعي بغثّها وسمينها تعطي مساحة للتفكير وربما لأبعد من ذلك ألا وهي الفلسفة والتنظير إذا أحسن المتلقي حسابات تفيد وتأثر بشكل إيجابي هنا لابد للكاتب في شتّى الفنون أن يعي هذه المسألة جيداً ويضعها دائماً نصب عينيه.
من الأشياء المهمة من وجهة نظرٍ سعلية هي :
الاحتفاظ بقدر عالٍ وكافٍ من التفكير الواعي قبل كتابة نص ما خالياً من كل العيوب المعروفة لديه والأخطر للقارئ الذي يفوق ربما الكاتب والناقد معاً في تفتيت أي نص، وهنا أُحبّ أن أسجّل هدفاً في مرمى الكتّاب... لبلوغ كأس النص الذهبي وهو :
لا تغتر أيها المثقف بكثرة قراءاتك في الكتب ولا بحدس ما تكتب ولا بنشوة وشغف الكتابة فالناقد كما يقال «نص ثاني» وكما كتب مقولة خالدة ميخائيل نعيمة «لكل ناقد غرباله» أو كما قال فاحذر كل الحذر من القارئ الناقد.
ومن الرسائل للمثقف الكاتب :
اسمك وصفتك «د» ودالك لك لا تعني للمتلقي شيئاً لا يسلبك حقك العلمي لا لا ليس هذا ما أقصده، إنما حين تكتب نصاً أدبياً ثقافياً معرفياً اجتماعياً... فلا تعتمد كثيراً على مَنْ يقرأ بداية ( اسمك ولا صفتك ) بل ما يهم الجميع ما تكتبه بعد اسمك النص والنص فقط.
فلا ترتكز على ثقتك باسمك ومنصبك ولا نقودك كي تتسلّق على أكتاف المثقفين بإبداعهم كما قال المعري
وكن في نفس الوقت واثقاً بنصك وهمتك بإجادة ما تكتب كما كتب المتنبي في الأبيات السابقة هذا على حدّ حلمي وسلامتكم ..
سطر وفاصلة
حين يركمني الحظ متعباً في حائط مبكى، جاءني الكذب يسعى يهودي الحرف مسطّر بأمركة فهو متن عربي مبين وهامش في سرايا الجملة والعبارة دون إشارة فكدت كالشيخ حين يرى ما لا يراه الآخرون بصرت بما لم تبصروا به فأخذت كلمة من وحي القبة ليس كالنابغة لا لا ولكنها قُبّة السعلي.