إيمان الدبيّان
منارة يُهتدى بها قِبلة، يُتوجّه لها، بقعة يُتطهر فيها، ويَطمئِن من عليها، ويَسْعَدُ من يسعى إليها، أحبها لا بل أعشقها وأتنفس هواءها وأُقَبِّلُ ذرّات رملها وبطاح أرضها؛ إنها مكة المكرمة تُسكب بها العبرات، وتُرفع منها الدعوات، وتُضاعف فيها الحسنات.
مكة المكرمة هي المدينة التي توليها حكومة المملكة العربية السعودية اهتمامها وكل إمكانياتها وفائق خدماتها ومن أبرز الاهتمامات: وجود الهيئة الملكية لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة تلك الهيئة التي يُوضع على عاتقها الكثير، ويُؤمل فيها شيء كبير مثلها مثل هيئات المدن السعودية الأخرى المهمة كالعلا ونيوم، فكلها تقوم بأعمال جبارة وتسخر لها إمكانيات هائلة ويدير أعمالها ويشرف عليها وينفذ استراتيجياتها كفاءات وطنية بقدرات وطاقات علمية ومهنية احترافية.
الهيئة الملكية لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة المختلفة نوعاً ما عن غيرها بتشعبها الشاسع وارتباطها الواسع بمدن قريبة أخرى ومشاريع عظمى يحيط بها أبعاد دينية وثقافية واجتماعية واقتصادية تجعل لأعمال هذه الهيئة اختلافها الصعب تخطيطاً والسهل بكفاءاتها تنفيذاً.
هذه الهيئة التي نلمس ونرى بذور مشاريعها بدأت تخضر أوراقها، كجبل ثور، والطرق الرئيسية، وخدمات النقل الأساسية، أدعو القطاع الخاص والقطاع غير الربحي إلى وضع بصمتهم بشكل أوضح ومنظور أشمل مع الهيئة التي تخدم مدينة عُرفت بأهميتها التجارية والاستثمارية والاقتصادية منذ أن رفع إبراهيم -عليه السلام- قواعد البيت الحرام وسكن مكة فكانت بداية الشراكة المجتمعية في قوله تعالى: (... فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِم) -(37) سورة إبراهيم- إلى أن جاءت رحلة الشتاء والصيف كتوثيق للتعاملات التجارية والاستثمارية لأهل مكة في القرآن الكريم: (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ* إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ..) -سورة قريش- حتى وصلنا إلى عصر الرؤية السعودية التي لها مشاريعها وبرامجها وشراكاتها وفق استراتيجيات وأهداف رؤية المملكة العربية السعودية؛ لذا آمل بدور أكبر من القطاع الخاص في تفعيل وتوحيد المشاريع الاستثمارية والتطويرية مع الهيئة من خلال المتاحف والخدمات اللوجستية والمواسم الثقافية والأدبية والتسويقية والترفيهية التي تدعم البرامج السياحية وبرنامج خدمة ضيوف الرحمن وتفتح آفاق فرص وظيفية وطنية كبرى قد لا تتوفر في مدن أخرى، كوظائف الترجمة للمعتمرين والزائرين بكل لغات العالم والإرشاد والتوعية الدينية للنسك والعبادة وغيرها من المهن والوظائف والحرف التي تخدم النقلة النوعية والتطويرية تحت مظلة الهيئة الملكية لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة بالشراكة مع القطاع الخاص والقطاع غير الربحي، وهذا ما أجزم بأني سأراه قريباً؛ ولكن ما اسم المستثمر الخاص الأول الذي سأراه بجوار اسم الهيئة على المشاريع القادمة؟