د.نايف الحمد
أنهت الصقور الخضر رحلتها في فضاء المونديال بعد أن حلّقت عالياً في سماء الدوحة ورسمت لوحة بديعة شدّت بها أنظار العالم، ولوت أعناق المتابعين، وبدا لهم أن تلك الصقور لم تأت من أجل المشاركة في احتفال موسمي مبهج، بل جاءت لتضع لها مكاناً في ذاكرة التاريخ.. جاءت لترسل رسالة مفادها أننا لم نتواجد من أجل تجميل هذا العرس وحسب، بل من أجل صنع اسم ومكانة على خارطة الأحداث بطريقتنا الخاصة.
رغم ما اعترى الرحلة من صعوبات وما صادفها من عقبات وإصابات كانت سبباً في عدم تحقيق تلك الصقور لكل أهدافها، لكنها نجحت في رسم خيوط الأمل بحاضر جميل ومستقبل مشرق.. كانت مخالبها قوية بما يكفي لإرعاب الخصوم الذين وضعوا أيديهم على قلوبهم خشية أن تنال منهم تلك الصقور الجارحة.
عندما غادرت الصقور موطنها الأصلي باحثة عن المجد كانت القلوب ترافقها تدعو لها بالتوفيق، وتأمل منها بذل المزيد.. فكانت على قدر المسؤولية، إذ ملأت الفضاء صخباً، فأبهرت واستحوذت على الاهتمام بما أظهرت من روح وثّابة وقدرات بطولية ومهارات استعراضية صفّق لها العالم بحرارة.
رغم أن الرحلة جميلة وتركت انطباعاً خاصاً، إلّا أن (الغربان) التي كانت تنتظر سقوط تلك الصقور - حتى قبل أن تبدأ الرحلة - عادت للنعيق في محاولة بائسة للنيل من تلك الصقور وإضعاف همّتها، لكن الصقور لا تأبه بها وستظل تحلّق؛ فمن يهوى التحليق في الفضاء ويسكن القمم لا يمكن أن يرى الحفر!
في نهاية الرحلة عادت الصقور لموطنها الأصلي محمّلة بالشكر والتقدير؛ لتداوي جراحاتها بعد أن أبلت بلاءً حسناً وخاضت معارك طاحنة كلفتها الكثير.. وستعود للتحليق مرة أخرى من أجل حلم جديد وكتابة قصة أخرى ورسم ملامح جديدة لفضاءات أكبر مساحة واتساعاً وارتفاعاً، لتعبرها بجسارة وثقة وأمل بمستقبل مشرق بإذن الله.