أ.د.عثمان بن صالح العامر
من المسلمات العلمية أن هناك فرقًا بين المراحل التعليمية العامة والجامعية والعليا، أو ما يسميها البعض العالية، والتي تشمل الماجستير والدكتوراه، ومن خلال معايشتي لهذه المرحلة من التعليم الحظ - خاصة حين أصبح الطالب يدفع رسوماً مقابل انتظامه في الدراسات العليا ومن ثم الحصول على الشهادة - أنها أضحت باباً مفتوحاً للكل، وصار من قبل الأقسام العلمية ممثلة بأعضاء هيئة التدريس التهاون في قبول المتقدمين للدراسة، ومنحهم الدرجات المرتفعة حين دراستهم للمواد، والموافقة على موضوعات مكررة أو أنها ليست ذات بال في التخصص، فسنحت الفرصة للغث والسمين نيل هذه الدرجة متى التزم بدفع الرسوم والحضور، ولذا من النادر أن يرسب الطالب أو يصعب عليه كتابة الرسالة، وهنا لا أعمم ولكنني أستحث الهمة في إجراء دراسة علمية ميدانية لتقييم جودة مخرجات التعليم العالي في مرحلتي الماجستير والدكتوراه وبجميع جامعاتنا السعودية وأخص الناشئة وعلى وجه الخصوص الدراسات العليا في العلوم الإنسانية. والطامة أن هؤلاء الذين حصلوا على الماجستير لهم الحق المطلق في التقدم للقسم ليتم التعاقد معهم للتدريس، ومن الصعب أن يرفض القسم طلبهم هذا وهو من منحهم الدرجة بتقدير ممتاز.
إن اسناد الدراسات العليا، أعني الماجستير والدكتوراه لجامعة مستقلة لها فروعها في جميع المناطق أو على الأقل جعل الإشراف على برامج الدراسات العليا مركزياً من خلال هيئة علمية تابعة لمقام معالي الوزير مباشرة هو الضمان الأمثل للجودة المتوخاة في هذه البرامج التي ربما تكون على الورق مكتملة الأركان المطلوبة لدى عمادات الجودة في الجامعات ولكنها على الحقيقة ومن خلال الرسائل العلمية والمواد المقررة والمراجع المعتمدة تحتاج إلى إعادة نظر جاد حتى لا تصبح هذه الدرجة سلماً سهلاً يرتقيه الكل، فهذا قد - أقول قد- يكون عاملاً قوياً في ضعف مستقبل التعليم الجامعي متى تسلل هؤلاء إلى منظومة أعضاء هيئة التدريس في هذه الجامعة أو تلك. ولهذا السبب - الضعف الواضح في التعليم العالي - أعرف زملاء في بعض الجامعات رفضوا التدريس في برامج الدراسات العليا والإشراف على الرسائل العلمية وكذا المناقشات خلاف ما كان عليه الحال في السابق، وأخذوا أنصبتهم التدريسية في مرحلة التعليم الجامعي (البكالوريوس والدبلومات).
أمر آخر له صلة بالدراسات العليا موضوع المقال ألا وهو إتاحة الفرصة للمعيدين والمحاضرين في الجامعات الناشئة التي لا يوجد لديها دراسات عليا في تخصصات معينة خاصة الإناث منهم الدراسة (عن بعد) في الفترة المسائية لدى الجامعات السعودية الأم المعروفة بقوتها وجودتها العلمية، أو حتى الاتفاق مع جامعات خارجية عالمية، مع أخذهم نصف أنصابتهم التدريسية في جامعاتهم، وذلك جمعًا بين تلبية الحاجة لدى جامعاتهم في الاستفادة منهم في التدريس وفي الوقت نفسه تحقيق رغبتهم في الحصول على الدرجة العلمية التي تفرضها وظائفهم الجامعية، وهذا الأمر غالباً يخدم العلوم الإنسانية عمومًا خلاف الحال في الصحية والهندسية والتقنية. ما أردته فيما ورد أعلاه هو المساهمة ولو بالكلمة في تحقق (المحافظة على جودة التعليم العالي في بلادنا المعطاء المملكة العربية السعودية)، ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام.