محمد ناصر الأسمري
ممارسة الكذب الأبيض الممكن متاحة للإصلاح بين الناس.. وفي السياسة فن قول الممكن، وفي انتخابات رؤساء وأعضاء مجالس إدارات الشركات المساهمة والجامعات سلوك مطلوب بصرف النظر عن درجة الصدق والإفصاح!
ما أنا بصدده اليوم، محاولة بضرورة إمعان النظر في تفشي ظواهر اجتماعية مؤلمة تمارس بشيء من الازدواجية بدوافع، حوافز، وتوجهات أجد من الصعب علي التنبؤ بالأسباب والمسببات والنتائج وفق مناهج الاستدلال العلمية اجتماعياً على الأقل ويبرز التساؤل هل هناك انتكاس في مسيرة التحول المدني للعيش والمعايشة.
اشتغال بعض البعض بالتنازع على مشيخة قبلية، هذر وإهدار لجهود كان من الممكن كسبها لعمل منتج أكثر نفعاً لمجتمع القبيلة والوطن أفراداً وثللاً.
حين كان الزمن الماضي يحتكم الناس إلى أهل الشور في اختيار من يكون وتكون له الشياخة ففي هذا سلوك يشي بشيء من الديموقراطية والمساواة بعيداً عن التعصب والتحيز. لا أعلم السر في عودة المشيخات وسلوك التفرّد في الوقت الذي تنحو الدولة والمجتمع نحو المدنية والتنافس في إظهار مزايا العمل والأعمال.
شيء عجب ما يشاهد من تنافس قبلي في إهدار الوقت والجهد والمال، من خلال الولائم والقصائد المثيرة للعصبيات وحفلات التوافد والوفود.
لقد قطع المجتمع مسافات جميلة في التعليم وانحسار الأمية الأبجدية، وإن كانت الأمية الفكرية ما برح لها وجود، لا أعتقد أن الأجيال ربما قد تتخلّص من عادات سادت ثم تلاشت.
لعل الرمزية في المقاطع التالية قد تشير إلى بعض المظاهر التي يرجى لها من الله الانحسار:
السيد (غلبان) يعمل موظفاً بالمرتبة 5، تأهيله العلمي لم يتجاوز إتمام الدراسة المتوسطة، أب لسبع من البنين والبنات، سليل أسرة كريمة لها وظيفة «المشيخة» بين ربعه. لا يكفي مرتبه مصدر قوته للذبائح التي ربما تصل عشراً في الشهر. ويكفل بوجاهته الاعتبارية (العقيد صياح) في شراء سيارة بقيمة 250 ألف ريال، وفوائد تقصم الظهر للأكثر مرتباً ومرتبة.
ولعل ما بث في وسائط الاتصال من أخبار الولائم التي ظهر فيها بذخ وإسراف وعدم تقدير للنعم ما يشي بالامتعاض.
أما (الشيخ وافي) فهو مثل غلبان، يتزوج بالدين سنوياً بنات شيوخ، والمهر 300 ألف ريال وعشرة جموس، و50 من الخلفات المجاهيم والشقح. كل هذه مظاهر وفشخرة وإيجاد مطلقات. وإذا كبر في السن استولى على مرتبات بناته المعلمات!
أما اللواء متقاعد (شومان) فقد تفرَّغ بعد تقاعده إلى مناكفة بني العم على الشياخة، لكن ابن عمه (سداد) يعرف وفرة المال لدى السيد اللواء فقرر التنازل عن الشياخة مقابل نصف مليون ريال و50 من الكور النجيبة، وصار السيد اللواء شومان معروفاً لدى دوائر الشرطة والحقوق المدنية.
الشيخ (رضوان) يزرع، يقلع، يسمد ويسوِّق إنتاج مزرعته من الخضراوات والفواكه، يساعد المحتاجين من الربع لدى الضمان الاجتماعي، ويهدي الحبوب والبقول للأصدقاء وهو في خير من الله، لم يهتم بالمشيخة لأنه مشغول بالعمل، يغني وهو يحرث الأرض أو يسقي الزرع، وهكذا فهو غير مدين لأحد إلا بالإحسان والقدوة الصالحة.
لكن الأخطر من أنواع التمشيخ والمشيخات، من التمظهر بالشكل، والقول بغير علم ولا هدى.. فهذا الشيخ (ابن جلا) وهو من المتسربين من مراحل التعليم الأولية، يقص ويلصق ما يبث في وسائط التواصل الاجتماعي من مسائل خلافية بين المتخصصين في الشرع والنظام والقانون. ويصنف الناس إلى ليبرالي، علماني، خنفشاري. وكم من البشر نالهم من هذا النوع من التكفير والتضليل وسبب قطيعة بين الأسر وإتلاف مقتنيات جرى تكسيرها وصور تم إحراقها.
هكذا صورت 4 من السلوكيات في مجتمعنا. فهل ترون أن عنوان هذا المقال ينطبق على كثير منها عيال الحمايل والقبائل، الذي يسيء ما يفعلون للمجتمع! نعم تنطبق هذه السلوكيات على الكسالى ومحدودي الفهم والوعي والإدراك، وقد عجل الله بالفرج حين قيَّض الله ولي العهد محمد بن سلمان - أعزه الله - ليعيد الوسطية، ووقف أي تجاوز على الناس.