نجلاء العتيبي
«أخطط أن أقضي بقية عمري في المستقبل, لذلك أريد أن أعرف أيّ مستقبل سيكون. هذا ما يدعوني للتخطيط». تشارلز كيترينج.
تقصُّ لنا الصديقة ليلى عن حال والدتها التي لَمْلَمت أجزاءها من هنا وهناك، بعد أن أغلقت خلفها باب طريق طويل في تاريخ حياتها العملية مليئًا بإنجاز مميز في زمن تفردت فيه بذكائها وبأفكارها المثمرة ونتائجه المبهرة.
بذاكرة متخمة بتفاصيل كفاح عصامي تُودّع مكتبها، وفي زواياه شيء منها يرفض الرحيل معها..
منذ هذا الحدث وهي تكرر على مسامع عائلتها عبارات الاطمئنان التخديرية: «كل شيءٍ على ما يُرام، لا أشعر بفراغ الأيام».. تُطلق نكات لم يتعودوها منها، وكأنها تريد إسكات صوت صرخات شعورها الخائف المتوجس بالضحك!!!
تحكي الابنة عن نوبة الاكتئاب والإرباك التي أصابت نبع القوة والحنان..
العجيب أن شخصًا مثلها لم يتوقع هذا اليوم!! لم يقم بالتخطيط المسبق لهذه الفترة..
هل من المعقول أن يُلهينا الركض في طرقات الحياة عن ملاحظة إشارات التنبيه.
لماذا لا نتحدث عن مخاوف تقدُّم العمر، ونرى كل شيء يخصّنا بوضوح، ونقيس مسافات الزمن وندرك أن لكل شيءٍ نهاية، وإن كان حضوره مبكرًا بالنسبة لنا، لكنه آتٍ ومُرَحَّب به، وهذه سنةُ الحياة، فعجلة الأيام سريعة ماضية..
ونحن نغمض أعيننا عن ما يخصنا، نلتف على أنفسنا، نشارك عقلنا الباطن أماني الرفض والهروب؛ فيصور لنا بالحركة البطيئة ما نريد يوهمنا، ومن ثم يصدمنا.
نحن بشر نهتم بتكوين الخارج وتفاصيله، وكل شيء يلامسنا مُؤجّل، ويسير بشكل عشوائي على حسب المتغيرات التي تحدث حينها والظروف..
يفترض أن ندرك حتمية وصولنا لمرحلة ثمرة العمر، ونُعِدّ لأنفسنا تخطيطًا إستراتيجيًّا استعدادًا لإدارة هذه المرحلة ومتطلباتها..
يقول كريستوفر بروكس مدير السياسات بجامعة العصر الثالث فرع المملكة المتحدة:
«إذا لم تتقاعد عن العمل بعدُ، لكنك تعتقد أن ذلك بات قريبًا، فابدأ بالتفكير فيما يتعلق بميزانيتك وبناء شبكات من التواصل الاجتماعي خارج محيط العمل، وتباحَث مع زوجتك وعائلتك حول الوسيلة المُثْلَى لقضاء أوقات فراغك.
يجب أن تتم الترتيبات المدروسة جيدًا، وتتم التهيئة بعناية شديدة من كل الجوانب وفق منهج مناسب لقُدُرات كل شخص؛ تفاديًا لمآزق هذا الوقت، حتى يكون الفرد مستقرًّا مستمتعًا في هذه الفترة بأفضل ما يمكن أن يكون ويليق».
نقطة ضوء
«جوهر التخطيط يكمن في إيجاد صِيَغ عملية لجعل أنشطتنا اليومية تسهم في بناء الصورة التي نرغب عليها في نهاية حياتنا».
- أبو الحسن الندوي