د. عبدالهادي عبدالكريم
من الواضح أن مشكلة السيول في جدة هي نتيجة لتمدد حضري غير مدروس على مدى عقود من الزمن، لا يمكن تعديله على المدى القريب والمتوسط، وأغلب الحلول المقترحة لا يمكن تنفيذها بالشكل السليم في عام أو عامين ولا تخلو من تحديات كبيرة وقد يؤدي تنفيذها إلى مشاكل جديدة. ولكن غياب إمكانية الحلول الجذرية لا يعني غياب الحلول الناجعة.
إن التركيز على الحلول الشاملة يؤدي إلى نتائج فعالة قد تتجاوز المشكلة الموضوعية (جريان السيول في منطقة حضرية) إلى منافع أخرى. فقد باتت تتشكل قناعة بأن سيول جدة هي جزء من «بيئة» جدة. ولكن لتلافي تفاقم الأضرار في هذا الوضع البيئي ينبغي أخذ الخطوات الإستراتيجية التالية بعين الاعتبار.
أولاً: اعتماد فريق متعدد التخصصات؛ لتقييم الآثار الناتجة بشكل عاجل بعد كل أمطار غزيرة في جدة، واقتراح التعديلات المناسبة في خطة الاستجابة.
ثانياً: رفع مستوى الاستعداد وثقافة التعامل مع المخاطر على مستوى الفرد والعائلة، وهو دور قد يساهم فيه القطاع التعليمي بشكل فعال.
ثالثاً : تحفيز الاستعداد المجتمعي للمخاطر المتوقعة والآثار الناتجة عنها مما يؤدي إلى التعامل السليم والتعايش الإيجابي مع الأحداث الكارثية.
رابعاً : التوجيه المؤسسي نحو تطوير وتطبيق المعايير في مجالات البناء السكني والبنى التحتية؛ لتخفيف آثار السيول والأمطار الغزيرة، بالإضافة لذلك، يجب إيجاد حلول مبتكرة لما تم بناؤه من قبل ولا يتوافق مع هذه المعايير الجديدة.
خامساً : التعامل مع هذه الأحداث الكارثية وفق منظومات متكاملة تشمل القطاع الحكومي، المجتمع، القطاع الخاص، والقطاع غير الربحي.
سادساً: التركيز على دور شركات التأمين في الحد من الآثار وفق آلية عمل تحفظ حق الشركة والفرد، واستخدام ذلك في دفع الأفراد باتجاه تطبيق إجراءات السلامة وإجراءات الحد من المخاطر.
سابعاً: الاستعانة بالباحثين والممارسين في مجالات المخاطر، البيئة، الهندسة المدنية، وعلوم الاجتماع؛ للبحث وإيجاد الحلول الموضوعية، وتكوين قنوات الاتصال المناسبة بينهم وبين صانعي القرار.
إن التعامل مع المخاطر في المجتمعات البشرية - على اختلاف طبائع هذه المجتمعات وأنواع المخاطر - هو عملية حيوية (ديناميكية أو حركية) مستمرة، لا ينبغي أن تحصر في إطار زمني محدد. وسيول جدة زائر يذكرنا بذلك.
** **
- دكتوراه في علوم الكوارث وإدارتها