علي الصحن
انتهت مشاركة المنتخب الأول في مونديال 2022 بنهاية الدور الأول، ومن نافلة القول إن المشاركة كانت دون الطموح، لكنها أيضاً كانت جيدة قياساً بالنتائج والظروف التي صحبتها، فالفوز على الأرجنتين بكامل عدتها وعتادها أمر ليس بالسهل إطلاقاً، وقد كان حديث العالم عدة أيام، وسيظل محفوراً بالذاكرة سنوات، والخسارة من بولندا ثم المكسيك كانت بعد أن ضربت الإصابات أبرز نجوم المنتخب وغيبتهم عن اللقاءين، والغريب أن يخرج علينا من يصف المشاركة بالفاشلة، ويطالب بإقالة المدرب واتحاد الكرة، رغم علمه بالنتائج المميزة التي حققها المنتخب مع ايرفي رينارد، ونجاحه بقيادته ببلوغ المونديال، وخلق وجه فني مميز للمنتخب، وقدرته على فرض أسلوبه وطريقته على منافسيه، ثم تقديم المنتخب بشكل فاخر في فاتحة لقاءاته في المونديال، والأغرب أن من يطالب بإقالة المدرب لم يكن يتوقع الفوز على الأرجنتين، وبعضهم كان يخشى من خسائر بأرقام كبيرة، ثم يخالف توقعاته ويبني آراءٍ جديدة لا علاقة لها بالأمور الفنية، ومكملاً وصايته بتسمية بدلاء بعينهم للمدرب، ومثل هذه الآراء التي تغلفها العاطفة والميول لا يمكن الأخذ بها، خاصة إن كان صاحبها ممن يصفق لهدف الكاميرون على البرازيل ويتجاهل هدف الأخضر في الأرجنتين.
في هذا الصدد أعيد ما تطرقت إليه في وقت سابق وتطرق له غيري في مناسبات مختلفة، من ضرورة إعادة النظر في البرامج الرياضية وفي غيرها من وسائل الإعلام، وأن يفعل الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي وهيئة الصحفيين السعوديين أدوارهما في فرز من يستحق لقب إعلامي رياضي ومن لا يستحق، وهنا أشير إلى تدوينة الأمير تركي بن خالد بن فيصل وهو الرجل القريب من الوسط الرياضي متابعة وممارسة، حيث كتب في حسابه بتويتر: « ما يُطرح في الوسط الرياضي من خلال الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ( لا يليق ) بالمملكة العربية السعودية ولا بمقدساتها ولا بتاريخها ولا برؤيتها ولا بطموحها، وضرر ما يحصل بالوسط سيتعدى الوسط الرياضي إلى باقي المجتمع، أتمنى التدخل لإيقاف صغار العقول عن هذا العبث». وما سطره سموه رأي يشاركه الكثيرون في الوسط الرياضي، فليس من المعقول أن يصفق العالم لمنتخبنا ويخرج من بيننا من يقلل منه، وليس من الطبيعي أن يتحدث البعض عن هدف للاعب أجنبي، ولا يتحدث عن أهداف منتخب بلاده، وليس من المنطق أن يركز البعض على السلبيات، ويتجاوز كل ما تحقق من إيجابيات، وأن يتحول من ناقد هدفه الإصلاح والمساهمة في تقويم الأخطاء، إلى منتقد هدفه التركيز على الأخطاء وتضخيمها والتأليب على الآخرين من خلال هذه الزاوية، وهنا لا أتحدث عن أشخاص بعينهم أو ميول واحد، بل من ميول مختلفة، فبعض النقاشات لا فائدة منها، وما يغرد به البعض يجعله غير كفء للاستضافة في أي برنامج رياضي حتى وإن كان له وجه في وسائل التواصل الاجتماعي ووجه آخر في البرامج التلفزيونية.
هنا لا أقول إن مشاركة المنتخب خالية من الأخطاء، فكل عمل في النهاية معرض للخطأ، ولكن الناقد الحقيقي الصادق هو من يبحث عن هذه الأخطاء، ويناقشها ويعرض الطرق المناسبة لتجاوزها وتطويعها لتكون معاونة على تحقيق المزيد من المكاسب في قادم الأيام والمنافسات.
عام 2016 وبعد سلسلة نجاحات للمنتخب وللإدارة الرياضية كتبت «هذا الحراك المميز، يقابله صخب سيئ مسيء رديء في بعض وسائل الإعلام وبالذات المشاهدة منها، برامج تتسابق مساء كل يوم للردح في ساحة الرياضة السعودية بلا حسيب ولا رقيب، وتستضيف أشخاصاً محسوبين على الإعلام من أجل تقديم الإثارة المزعومة في أسوأ صورها، وهؤلاء للأسف منهم من ملأ الشيب صدغيه، ومنهم من تقاعد من عمله الرسمي، ومنهم من تقدم بهم العمر، ولم يراعوا للسن قيمة ولا لوضعهم الاجتماعي منزلة، ولم يضعوا كلام الناس ورأيهم رادعاً، فيتقدمون كل مساء بصورة غريبة، ويقدمون أنفسهم بصورة معيبة، لا يقبلها حتى المراهقين، فيتجادلون ويتناقشون ويتبادل بعضهم الشتائم وعبارات التقليل وإقصاء الآخر، ومنهم من يكذب ويزور الحقائق الموثقة من أجل التأكيد على رأيه، والتمسك بمقولته... يمارسون الفجور في الخصومة أسوأ ممارسة، ويحاولون إثارة الشارع وتعبئة أفكار المشاهدين».
للأسف ست سنوات مرت ولم يتغير شيء.