مشعل الحارثي
عبدالله بن محمد المهنا -رحمه الله - أحد أعلام وشخصيات الطائف البارزة المشهود لها بالأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة والذي ترك بصمات واضحة في تاريخ ومسيرة تطور العاصمة الصيفية الطائف المأنوس.
وهو من مواليد الرياض عام 1344هـ وتعود أصوله لمنطقة القصيم، نشأ بمكة المكرمة وبها تربى وتلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة العزيزية وكان مديرها آنذاك الأستاذ عبدالله الساسي -رحمه الله - ومن مدرسيه بها كل من الأستاذ حسن صيرفي، والأستاذ حسين منصوري، والأستاذ خليل كتب خانة وغيرهم، كما تلقى بعض تعليمه بالطائف بحكم انتقال أغلب المدارس في فصل الصيف إلى الطائف ومن مدرسيه بها الأستاذ محمد سعيد كمال والأستاذ عبدالحي كمال وغيرهم، وقد حالت وفاة والده عن إكمال دراسته فتفرغ لرعاية شؤون أسرته وأصبح عميدها والقائم على شؤونها.
وكانت أولى مهامه ومناصبه الإدارية تكليف الملك فيصل -رحمه الله - له بشرف الخدمة في جهاز الدولة وتعيينه رئيساً لبلدية الطائف بتاريخ 1-3-1379هـ واستمر بها لمدة (17) عاماً حتى عام 1397هـ، واستلم عمله بها عندما كانت بلدية الطائف مرتبطة بالمديرية العامة بجدة وكانت ميزانية البلدية مليون ونصف ريال فقط واستطاع بعلاقاته الوطيدة من الحصول على دعم ومشاريع إضافية ومخصصات لخدمة الطائف باعتباره المصيف الأول لحكومة المملكة، وفي عهده توسعت الخدمات البلدية فتم إنشاء أقسام إدارية وخدمية وفنية عديدة مثل الإدارة الهندسية والمشاريع ووفق هيكل أداري تنظيمي.
ومن أولويات عمله ببلدية الطائف البدء بتخطيط الأراضي وشوارع الطائف تخطيطاً حديثاً بموجب خرائط تنظيم المدينة مثل أحياء الشرقية، اليمانية، العقيق، السلامة، قروى، شهار، النزهة، الشهداء وعدد من الأحياء الأخرى، وكذلك تخطيط وسفلتة طريق الهدا وتنظيم شارع الملك سعود وافتتاح العديد من الشوارع الرئيسية وتخطيط وتنظيم وادي وج.
كما قام بسفلتة الشوارع وعمل الأرصفة والإضاءة وتنظيم المنطقة المركزية، وكان أول رئيس بلدية يهتم بالتشجير وكان وقتها يعتبر حدثاً كبيراً ونقلة في تاريخ تطور المصيف، وأسهم في زراعة وتشجير العديد من أحياء مدينة الطائف مثل حي قروى والخالدية والسلامة والعزيزية وحدائق نجمة وشارع الملك سعود، وشارع الملك فيصل وشارع السلامة وشهدت الطائف في تلك الفترة نمواً وازدهاراً وتطوراً عمرانياً ملموساً وزيادة في حركة البناء ونشاط الأسواق في أحياء مختلفة من الطائف.
وفي عام 1381هـ تم انتدابه مديراً عاماً للجوازات والجنسية لمدة ستة شهور والتي كان عملها جزءاً من مهام الشرطة وقت أن كان مديرها علي جميل، فعمل على سلخ عمل الجوازات عن الشرطة وقام بوضع الأعمال التنظيمية والهياكل الأساسية لإدارة الجوازات التي كانت تهتم بإصدار جوازات السفر للمواطنين السعوديين ومنح الإقامات للمقيمين وتجديدها.
تلا ذلك انتدابه مديراً عاماً لجوازات الرياض لمدة ستة أشهر للقيام بمهمة تنظيم جوازات الرياض فقام بأداء المهمة على الوجه المطلوب ليعود مرة أخرى لعمله كرئيس لبلدية الطائف بعد أن أناب عنه هذه المدة التي امتدت لمدة عام الشيخ عبدالقادر بن حريب مساعده بالبلدية.
والشيخ عبدالله المهنا من الشخصيات الاجتماعية والثقافية المحببة وكان له دور كبير في تأسيس النادي الأدبي بالطائف فجعل داره مقراً لاجتماع المثقفين والأدباء والمفكرين من خلال ثلوثيته المشهورة التي كان يستضيفهم فيها كل أسبوع واستمرت نحو خمسة أعوام.
والشيخ عبدالله المهنا من المثقفين والمحبين لاقتناء الكتب وكان لديه مكتبة خاصة ضخمة بداره تضم آلاف الكتب والمراجع والمخطوطات وقام بتجليد المئات منها حفاظاً عليها وعلى قيمتها المعرفية، وكانت تربطه بسمو الأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز أمير المدينة المنورة الأسبق -رحمه الله- آنذاك صداقة قوية وعند تأسيس مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة استعان سمو الأمير الراحل بالشيخ عبدالله المهنا فتبرع بنصف محتويات مكتبته الخاصة لصالح هذه المكتبة وتبرع بجزء منها لمكتبة جامعة الملك سعود بالرياض وما بقي منها تسرب من خلال الزوار والمرتادين لها ممن كانوا يستعيرون بعض كتبها ولا يعيدونها مرة أخرى، وللمهنا عدد من الأولاد البنين والبنات ورحل منهم إلى مولاه كل من فهد ومحمد وعبدالرحمن - رحمهم الله.
وبعد تقاعد المهنا عن العمل مارس بعض الأنشطة الأخرى منها عضويته في مؤسسة المدينة للصحافة والنشر بجدة، كما رأس مجلس إدارة عدد من شركات المقاولات -رحمه الله رحمة واسعة وجزاه عن ما قدمه للطائف ولوطنه من خدمات خير الجزاء.