د.حماد الثقفي
أصبح الخليج في مقدمة الدفة الاقتصادية بل والسياسية، لتكون وجهة كبار قادة دول العالم، جاذبةٍ إياهم جذباً للاستثمارات الأجنبية المُباشرة، مُحولة جهة بوصلة الاستثمار في الخليج، رغم تعثر الاقتصاد العالمي في قطاعات شتى منذ أواخر 2019 وجائحة كورونا، ليظهر على السطح زحف الركود إلى أميركا وأوروبا وبريطانيا ودول أخرى في العالم، مع بروز الغزوة الروسية - الأوكرانية على الواجهة، لتتفاقم معها مشكلات الغاز وشتاء قارس على أوربا، ومشكلات الغذاء التي ضربت العالم، إضافة لرفع الفائدة لأربع مرات، مع استمرار مسلسل رفع الفائدة لكبح جماح التضخم بخاصة في الولايات المتحدة، لارتباط كثير من العُملات خاصة الشرق أوسطية والخليجية بالدولار الأميركي (باستثناء الكويت ترتبط بسلة عملات)، ولقد حققت السعودية أداءً لافتاً في أغلب المُؤشرات الدولية، واحتلالها المرتبة الرابعة عشر بمجموعة الـ20 في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لعام 2021، مُسجلاً نمواً بنسبة 9.5 في المائة، حيث وصل إلى 1.97 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2022 مقارنة بالفترة نفسها من 2021، تليها الإمارات بالمرتبة التاسعة عشر عالمياً وفق تقرير الاستثمار العالمي 2022 الصادر عن مؤتمر (أونكتاد)، والسابعة عشر عالمياً من حيث تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الخارجة وقُدرت بـ 22.5 مليار دولار في عام 2021، مما يعكس نمواً بنسبة 19 في المائة مقارنة بعام 2020، لترتفع نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر في الكويت بحوالي 64.2 مليون دولار أوائل 2022.. أما قطر فقد استقطبت استثمارات بقيمة 19.2 مليار دولار منتصف عام 2022، بلغت 71 في المائة من إجمالي الاستثمارات بمنطقة الشرق الأوسط.. لتجتذب دولة البحرين 290 مليون دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر عام 2022 ، وزيادة 19 في المائة بالاستثمار الأجنبي المباشر أوائل نفس العام. وأخيراً زيادة 19 في المائة بعمان أول 2022. مع زيادة في الصادرات غير النفطية عام 2021.
إذاً ووفق التقارير والإحصائيات يتبين أن منطقة الخليج خاصة والشرق الأوسط عامة، وتحديداً الإمارات والسعودية، من أهم الأسواق جذباً للشركات ورجال الأعمال المستثمرين. بعد اتخاذ عدد من الإجراءات التصحيحية تشريعياً وتنظيمياً، وتسهيل الأمور عليهم بالمبادرات مثل «الإقامة الذهبية» لجذب المبدعين والموهوبين في القطاعات التكنولوجية المستقبلة، انتهت بإطلاق عدد من المشاريع الكُبرى العملاقة كنيوم وذا لاين وغيرهما من البني التحتية والفندقية والمصانع وخاصة مشاريع السكك الحديدية والطرق السريعة والجسور مع مشروع قطار الربط بين دول الخليج، بمشروع «الحرير» ومشاريع الطاقة، لا سيما التعاون التكنولوجي وترسيخ الاستثمارات بالمنطقة عملاً للانتقال إلى مرحلة التعاون الأمني، وكلها مشاريع ستكون جاذبة للمستثمرين والشركات الصينية العملاقة.
وبالتالي يأتي انعقاد ثلاث قمم صينية في المنطقة، قمة صينية - سعودية، وقمة صينية - خليجية، وأخرى صينية - عربية. تفعيلاً للتحركات الدبلوماسية التي تبرهن قيمة الخليج بالنسبة للصين وليس هي وحسب إنما إلى الهند واليابان وغيرهما، على أنها مفتاح لمستقبلها الاقتصادي، في دول الشرق الأوسط.. لكن ماذا عن أميركا، فلدى الصين والخليج علاقات قوية مع الطرفين المتنافسين لكل منهما، وهما إيران أميركا؟. التي قد تدفع إلى تأزيم الملف الإيراني كي تكون سبباً لاضطرابات وتوترات تؤثر في أمن المنطقة، لتقلق أميركا من سياسة التوجه الصيني شرقاً في ظل غيابها عن الشرق الأوسط، معتبرة أن التهديد الحقيقي لها في آسيا آت من الصين.