د.رفعة بنت موافق الدوسري
تهتم المراكز الفكرية والبحثية في الدول الغربية بالخطاب السياسي بوصفه جهازا موجها يستثمره الساسة لبث الرسائل أو إدارة الحشود أو التصنيف الحزبي، وتصدر في ذلك البحوث والدراسات بصفة متواترة نسقية تتماهى مع تطور الأحداث وإستراتيجيات الساسة وأدوات توجيه الخطاب، إذ يشهد العالم نقلة نوعية في عملية صنع القرار وتفعليه، فازداد الاهتمام بمراكز الأبحاث في دعم القرارات؛ نتيجة قدرتها على إجراء الدراسات التحليلية المعمقة حول أنجع الأساليب المؤدية لأفضل النتائج، وقد استطاعت مراكز بحثية كثيرة تحليل جميع عناصر الظواهر السياسية، "والتنبؤ بالممارسات وردود الأفعال قبل حدوثها وانعكاسها على أمن الدولة، وطرح التوصيات لتجنبها، أو الحد من تأثيرها، فأصبحت مخرجات هذه المراكز من أهم الركائز التي يعتمد عليها صناع القرار؛ لما تمثله المعرفة والعلم عند متخذي القرارات في العصر الحديث، الذي تشكل مناهج البحث العلمي فيه مصدرا أساسيا للتعامل مع القضايا والشؤون الحياتية".
كذلك تهتم بتحليل الخطاب السياسي الجهات الدبلوماسية بوصفه جهاز توجيه، ومثاله التعميم الصادر عن وزير الخارجية الإسرائيلي السابق (ديفيد ليفي)، والذي ينص على تكثيف اهتمام الساسة الإسرائيليين بالملفوظات في التعاطي الدبلوماسي مع العرب.
أما الدول العربية فقد بدأ اهتمامها بتحليل الخطاب السياسي مؤخرا، بعد أن تعددت التداعيات السياسية، وأصبح الخطاب ضمن الأدوات الرئيسة التي يدير بها بعض الساسة الشؤون المحلية والدولية. والاهتمام بتحليل الخطاب السياسي في المملكة حديث، إذ لم نجد دراسات تهتم بهذا الحقل قبل عام 2016، العام الذي سجلت به أطروحتي الأولى في تحليل الخطاب السياسي السعودي، ولاحقا بعد عام 2018 صدرت بعض البحوث الأكاديمية المهتمة بتحليل الخطاب السياسي في بعض الجامعات، وظهر اجتهاد بعض أعضاء هيئات التدريس في إقرار تحليل الخطاب السياسي ضمن جهات أكاديمية دبلوماسية وغير دبلوماسية.