رمضان جريدي العنزي
الفكر التحجري فكر متبلد له رؤية ظلامية واهنة وهشة قائمة على صيغ ضعيفة الحجة والمنطق والطرح السليم، وأصحاب هذا الفكر شخصيات غامضة مهلهلة مشوهة تعتمد على متناقضات حادة وجهل مركب يشتغلون بالتفاهات والخيبات والرداءات، يجيدون الترقيع والتلاعب في النص والرواية، ويزيدون في الكلام، ويسهبون بالكذب والافتراءات دون حياء ولا خجل ولا اهتمام، إن عقل هؤلاء في واقع الحال غير ناضج، وليس فيه مخيلة راقية تجعل أصحابها موضوعيين قادرين على التحليل والاستنتاج والتقييم الصحيح والطرح القويم والتثقيف والتوعية، بعيداً عن الدندنة والهرطقة والبهللة والرقص واجترار الأساطير المظلمة، والحكايات الباهتة، والبطولات الزائف، والروايات الخائبة، إن لهؤلاء قصوراً في الفهم والإدراك يشبه سيارة عتيقة، إطاراتها قديمة، وصبغتها متآكلة، وفراملها لا تعمل بالشكل الآمن، ومكينتها رديئة، ومراتبها غير مريحة، وأنوارها ضعيفة، ومكيفها واهن، وليس فيها حزام أمان، ولا إطار احتياطي، ومع هذا يصر صاحبها على أن تسير على طرق غير معبدة فيها حجر وحفر وردميات، إن لدى هؤلاء كسل فكري، وجدب إبداعي، وتصحر روحي، وتكلس ذهني، ومنهج أعوج، يوقف العقل الحر عن التفكير والتحليل والإبداع، وتجعله يدور في حلقة مفرغة من الوهم والتوهم، والانتفاخ وتوافه الأمور، ورداءة الأشياء، كالفاشية العنصرية، والتصنيف الأعمى، ووضع سلالم للناس، ومكعبات ومربعات وخانات، وبعث الكراهية والبغضاء، وإثارة النعرات المقيتة، بعيداً عن المنهج الصحيح والقويم في الفهم والإدراك. والحقيقة والواقع، من لدى هؤلاء فشل في الطرح، وفشل في السرد، وفشل في الإيماءات التعبيرية، وعندهم اضطراب في الشخصية، وتلف في الدماغ، وتبلد في المشاعر والأحاسيس والعاطفة. إن هؤلاء يملكون ضيق أفق فكري، وتكلس ذهني، أمية واضحة، وعدمية علم، لهذا نجدهم لا يعون ولا يدركون الآخرين وحقيقتهم، فكل همهم إزاحة البياض، وتطويح الآخرين الذين لا يروقون لهم، وفرملة الحياة، ووضع الأخاديد العازلة بين الناس لكي لا يرون بعضهم بعضاً بصور واضحة وجلية، متوحشون في الأقوال والأفعال، إنهم يحاولون باستماتة نشر ثقافة الكراهية والإقصاء والانغلاق والتهميش وصد الأبواب بقوة وإحكام أمام كل فكر حي نابض وناضج، أشباح لا تثير بين الناس سوى مشاعر الاستهجان والخوف والتوجس والحذر والنكوص والتخلف، يصدون عن الحق ويعرضون عنه، ويركضون خلف الكذب والبهان وتزوير الحقائق وتزييفها، الأمور عندهم اختلط حابلها بنابلها، وطاشت فيه الأوتاد، ما عندهم ذكاء ولا فطنة، ولديهم أنانية كبيرة، وأذهانهم عتيقة، غير جديدة ولا حيوية، ومنطق الحياة والتعايش عندهم رديء وبائس، ويفتقر لكل مقومات الحياة البهية. إن الذهن المتوقد، والفكر السليم، الذكي والعقلاني، ضروري لكل جوانب الحياة، وهو الذي يجب أن يسود وينتصر على ذهن التخلف، وفكر النكوص، ومخيلة التوجس، الذي يعيش الماضي الأغبر العبوس التليد بكل تفاصيله الرمادية، ويرفض الحاضر الزاهي، والتطلع للمستقبل الزاهر.