عوض مانع القحطاني - الرياض:
صدر أمس الأول بيان مشترك في ختام القمة السعودية - الصينية، فيما يلي نصه:
بدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، وفي إطار تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية، قام فخامة رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ، بزيارة دولة إلى المملكة العربية السعودية خلال الفترة 13-15 جمادى الأولى عام 1444هـ الموافق الفترة 9-7 ديسمبر عام 2022م. استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ، وعقدت جلسة مباحثات رسمية بين الجانبين، جرى خلالها تبادل وجهات النظر حول سبل توطيد وتطوير علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين المملكة والصين، ومجمل القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
وأعرب الجانبان عن ارتياحهما للمراحل المتميزة التي مرت بها العلاقات الثنائية خلال العقود الثلاثة الماضية، وأكدا أهمية استمرار العمل المشترك في جميع المجالات وتعميق العلاقات في إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين والوصول بها إلى آفاق جديدة وواعدة.
ووقع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وفخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ، اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين المملكة وجمهورية الصين الشعبية.
أشاد الجانبان بما تحقق منذ زيارة فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ للمملكة العربية السعودية في يناير 2016م، وزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لجمهورية الصين الشعبية في مارس 2017 م، وزيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في فبراير 2019م لجمهورية الصين الشعبية، من نتائج إيجابية ومثمرة ساهمت في توسيع نطاق التعاون بين البلدين في شتى المجالات.
في الشأن الثنائي، أكد الجانبان على أهمية مواصلة إعطاء الأولية للعلاقات السعودية الصينية في علاقتهما الخارجية، ووضع نموذج من التعاون والتضامن والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك للدول النامية، وهنأ الجانب السعودي الصين بنجاح انعقاد المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني، من جانبه أعرب الجانب الصيني عن تقديره للإنجازات الكبيرة التي حققتها المملكة في مجال التنمية الوطنية في إطار رؤية 2030.
أكد الجانبان مجددا على مواصلة دعم المصالح الجوهرية لبعضهما بثبات، ودعم كل جانب الجانب الآخر في الحفاظ على سيادته وسلامة أراضيه، وبذل جهود مشتركة في الدفاع عن مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وغيره من قواعد القانون الدولي والمبادئ الأساسية للعلاقات الدولية. وأكد الجانب السعودي مجددا على الالتزام بمبدأ الصين الواحدة.
من جانبه، عبر الجانب الصيني عن دعمه للمملكة في الحفاظ على أمنها واستقرارها، وأكد معارضته بحزم أي تصرفات من شأنها التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة العربية السعودية، ورفض أي هجمات تستهدف المدنيين والمنشآت المدنية والأراضي والمصالح السعودية.
أكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون بينهما من خلال اللجنة السعودية - الصينية المشتركة رفيعة المستوى، لتحقيق الاهداف المشتركة وتعزيز التعاون بين البلدين في كافة المجالات وتكثيف التواصل بين القطاعين الحكومي والخاص في البلدين لبحث الفرص الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وترجمتها إلى شراكات ملموسة، وتعزيز التعاون في المجالات التي تهدف إلى الارتقاء بالعلاقة الاقتصادية والتنموية بين البلدين إلى آفاق أوسع.
في مجال الطاقة، أكد الجانبان أن تعزيز تعاونهما في هذا المجال يعد شراكة استراتيجية مهمة.
ونوه الجانبان بحجم التجارة النفطية بينهما وأسس التعاون الجيدة لما تتميز به المملكة من موارد نفطية وافرة، وما تتميز به الصين من سوق واسعة، وأشارا إلى أن تطوير وتوطيد التعاون بينهما في مجال النفط يتفق مع المصالح المشتركة للجانبين، وأكد الجانبان على أهمية استقرار أسواق البترول العالمية، ورحبت جمهورية الصين الشعبية بدور المملكة في دعم توازن واستقرار أسواق البترول العالمية، وكمصدّر رئيسي موثوق للبترول الخام إلى الصين.
واتفق الجانبان على بحث الفرص الاستثمارية المشتركة في قطاع البتروكيماويات وتطوير المشاريع الواعدة في تقنيات تحويل البترول إلى بتروكيماويات، وتعزيز التعاون المشترك في عدد من المجالات والمشاريع ومنها الكهرباء، والطاقة الكهروضوئية وطاقة الرياح وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة وتطوير المشروعات ذات العلاقة، والاستخدامات المبتكرة للموارد الهيدروكربونية، وكفاءة الطاقة، وتوطين مكونات قطاع الطاقة وسلاسل الإمداد المرتبطة بها، وتعزيز التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، والتعاون في تطوير التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والابتكار في قطاع الطاقة.
كما أكدا أهمية تعميق التعاون المشترك في مبادرات «الحزام والطريق»، والترحيب بانضمام المؤسسات السعودية المعنية إلى شراكة الطاقة والاستثمارات المختلفة في إطار «الحزام والطريق»، وتعزيز موقع المملكة كمركز إقليمي للشركات الصينية لإنتاج وتصدير منتجات قطاع الطاقة بالإضافة إلى الاستثمار المشترك في مشاريع الطاقة في دول المنطقة والدول المستهلكة لمنتجات الطاقة في أوروبا وإفريقيا، بما يسهم في تطوير المحتوى المحلي السعودي، ويحقق للصين الاكتفاء الذاتي في قطاع البتروكيماويات من خلال استثماراتها ذات الصلة في المملكة.
فيما يتعلق بالتغير المناخي، رحب الجانب الصيني بإطلاق المملكة لمبادرتي «السعودية الخضراء» و»الشرق الأوسط الاخضر»، وأعرب عن دعمه لجهود المملكة في مجال التغير المناخي من خلال تطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته المملكة وأقره قادة دول مجموعة العشرين.
كما أكد الجانبان أهمية مبادئ الاتفاقية الاطارية للتغير المناخي واتفاقية باريس، وضرورة تنفيذ الاتفاقيات المناخية بالتركيز على الانبعاثات دون المصادر، واتفق الجانبان على مواصلة التنسيق حول سياسات الطاقة من خلال استخدام الاقتصاد الدائري للكربون كأداة لإدارة الانبعاثات وتحقيق اهداف المناخ، وحث الدول المتقدمة على أن تأخذ مسؤولياتها التاريخية على محمل الجد، وتفي بجدية بتعهداتها وتقوم بتخفيض الانبعاثات بشكل كبير قبل الموعد المستهدف، ومساعدة الدول النامية بشكل ملموس على تعزيز قدراتها على مواجهة تحديات المناخ من خلال الدعم المالي والتقني وبناء القدرات.
أشاد الجانبان بنمو حجم التجارة البينية والاستثمارات بين البلدين الذي يجسد عمق واستدامة علاقتهما الاقتصادية، كما أكدا عزمهما على زيادة حجم التبادل التجاري غير النفطي وتسهيل صادرات المملكة غير النفطية الى الصين، وزيادة حجم الاستثمارات النوعية المتبادلة بين البلدين.
واتفقا على تعزيز العمل للاستفادة من الفرص التجارية والاستثمارية المتاحة، وتكثيف التواصل والزيارات بين القطاع الخاص في البلدين، وزيادة سعة رحلات الناقلات الجوية، وتحفيز الشراكات الاستثمارية بين القطاع الخاص في البلدين، وتضافر الجهود لخلق بيئة استثمارية خصبة ومحفزة وداعمة في إطار رؤية المملكة 2030، ومبادرة «الحزام والطريق»، وذلك عبر تعميق التعاون في العديد من المجالات بما في ذلك صناعة السيارات، وسلاسل الإمداد، والخدمات اللوجستية، وتحلية المياه، والبنى التحتية، والصناعات التحويلية، والتعدين، والقطاع المالي.
أعرب الجانب السعودي عن تطلعه لجذب الخبرات الصينية للمشاركة في المشروعات المستقبلية الضخمة في المملكة، وحرصه على تمكين الاستثمارات السعودية في جمهورية الصين الشعبية، وتذليل الصعوبات التي تواجهها، وأكد على أهمية استقطاب الشركات العالمية الصينية لفتح مقار إقليمية لها في المملكة، وثمن اهتمام عدد من الشركات الصينية وحصولها على تراخيص لإنشاء مقارها الإقليمية في المملكة، والاستفادة من الخبرات والقدرات الصينية المتميزة بما يعود بالمنفعة على اقتصادي البلدين.
أعرب الجانبان عن ارتياحهما لتوقيع «خطة المواءمة» بين رؤية المملكة 2030 ومبادرة الحزام والطريق، واتفقا على أهمية تسريع وتيرة الموائمة بين مشاريعهما في البلدين، وتوظيف المزايا المتكاملة، وتعميق التعاون العملي بين الجانبين بما يحقق المنفعة المتبادلة والتنمية المشتركة.
كما رحب الجانبان بالتوقيع على (12) اتفاقية ومذكرة تفاهم حكومية للتعاون في مجالات الطاقة الهيدروجينية، والقضاء، وتعليم اللغة الصينية، والإسكان، والاستثمار المباشر، والإذاعة والتلفزيون، والاقتصاد الرقمي، والتنمية الاقتصادية، والتقييس، والتغطية الإخبارية، والإدارة الضريبية، ومكافحة الفساد. بالإضافة إلى توقيع (9) اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين القطاع الحكومي والخاص، وتوقيع (25) اتفاقية ومذكرة تفاهم بين الشركات في البلدين.
دعا الجانب الصيني الجانب السعودي ليكون ضيف الشرف للدورة السادسة لمعرض الصين والدول العربية لعام 2023م، وأعرب عن حرصه على تعميق التعاون الاستثماري مع الجانب السعودي في الاقتصاد الرقمي والتنمية الخضراء، وتعزيز التعاون في التجارة الإلكترونية، وبحث سبل التعاون الاقتصادي والتجاري المشترك مع إفريقيا، ورحب الجانب السعودي باستثمارات الشركات الصينية في المملكة وذلك من خلال ما توفره رؤية 2030 من فرص استثمارية نوعية ضخمة في القطاعات المختلفة.
وأعرب الجانب الصيني عن ترحيبه بتعزيز استثمارات صناديق الثروة السيادية ورؤوس الأموال الصناعية السعودية في الصين.
واتفق الجانبان على تشجيع بناء شراكات بين الصناديق الاستثمارية في البلدين.
في المجال المالي، أكد الجانبان أهمية التعاون المشترك لدعم إنجاح مبادرة «إطار العمل المشترك لمعالجة الديون بما يتجاوز نطاق مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين» التي صادق عليها قادة مجموعة العشرين في قمة المجموعة برئاسة المملكة، وتنسيق المواقف ذات الصلة في المحافل الدولية مثل مجموعة العشرين، وصندوق النقد والبنك الدوليين، والبنك الآسيوي، للاستثمار في البنية التحتية وغيرها، بما يعزز الجهود الرامية إلى زيادة فاعلية هذه التجمعات والمؤسسات وحوكمتها.
كما أكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال السياسات الضريبية بما يسهم في تعزيز التعاون المالي والتجاري والاستثماري بين البلدين.
في الشأن الإقليمي والدولي، رحب الجانبان بانعقاد القمة الخليجية الصينية الأولى، والقمة العربية الصينية الأولى بالمملكة في مدينة الرياض يوم الجمعة 15/ 5/ 1444هـ الموافق 9 ديسمبر 2022م، وعبرا عن تطلعهما إلى تحقيق القمتين أهدافهما المرجوة لخدمة العلاقات الخليجية والعربية- الصينية.
وأكدا أن انعقاد القمتين الخليجية - الصينية، والعربية - الصينية يكتسب أهمية خاصة في ظل الأوضاع الدولية الراهنة، وأكدا دعمهما لمبادرة «المجتمع العربي الصيني للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد»، وأشادا بالدور المهم لمنتدى التعاون العربي الصيني في تعزيز التعاون الجماعي بين الصين والدول العربية، وأعربا عن استعدادهما للمشاركة في بناء المنتدى وتطويره.
كما أكدا على أهمية العمل المشترك لتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والصين، وإبرام اتفاقية تجارة حرة بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية والصين، والعمل على عقد اجتماع وزراء الاقتصاد والتجارة 6+1 بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية والصين.
جدد الجانبان عزمهما على مواصلة التنسيق وتكثيف الجهود الرامية إلى صون السلم والأمن الدوليين، واستمرار التنسيق بينهما في المنظمات ذات الصلة، والدعوة إلى الحوار البناء بما يحقق مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والمبادئ الأساسية للعلاقات الدولية، وأكدا أن أوضاع المنطقة متصلة بالأمن والاستقرار في العالم، وأن الدفع نحو تحقيق السلام والازدهار في المنطقة يتوافق مع المصلحة المشتركة للمجتمع الدولي.
كما اتفقا على أهمية ايجاد حلول سلمية وسياسية للقضايا الساخنة في المنطقة، وذلك عبر الحوار والتشاور على أساس احترام سيادة دول المنطقة، واستقلالها وسلامة أراضيها.
وأشاد الجانب الصيني بالمساهمات الايجابية والدعم البارز الذي تقدمه المملكة لتعزيز السلام والاستقرار الاقليمي والدولي.
وأشاد الجانب السعودي بجهود ومبادرات جمهورية الصين الشعبية الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الاوسط.
كما اتفق الجانبان على أهمية تقوية التعاون وتعزيز الشراكة بينهما بما يسهم في دعم الاستقرار والتنمية في القارة الإفريقية.
وأعرب الجانب السعودي عن تأييده لمبادرة التنمية العالمية التي أطلقها فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ، وتطلعه للمشاركة في التعاون في إطار المبادرة، بما يساهم في تسريع تنفيذ أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة.
كما أعرب الجانب السعودي عن تثمينه لمبادرة الأمن العالمي التي أطلقها فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ. كما تطرق الجانبان لأبرز التحديات الاقتصادية العالمية، ودور المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية في دعم الجهود الدولية لمواجهتها.