عبدالعظيم العويد

قال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما: (كلُّ الناس أستطيع أن أرضيه إلا حاسد نعمة، فإنه لا يرضيه إلا زوالها).

عندما تنجح تتوقع ممن حولك أن يشاركوك لا أن يفارقوك.. أن يهنئوك لا أن يهينوك بالبخل بابتسامة الرضا والحفز. فكلما سمحت له الفرصة انتقص من شخصك أو عملك، ولو أنه شجع وأثنى لما نقص من قدره شيء، ولارتاح قلبه وسكنت نفسه من هذه المعاناة البغيضة.. ويخفي عنك بعض الحقائق حتى لا تتفوق عليه بدافع الحسد، فينكر أن ما تفعله جيد أو أنك أحسنت بل يبدأ يذمك وينتقص من قدرك وما تعمله حتى يردك عن فعل الأعمال الرائعة التي تزعجه كثيراً مع أنك تحترمه وتعتقد أنه يعزك، كما ان الحاسد لا يحادثك ولا يرغب في الحوار معك عندما تحاول التودد إليه فهو يتجاهل وجودك.

لماذا تخسر أناساً تحبهم عندما تصبح ناجحاً؟ أليس من المتوقع أن يشاركك هؤلاء الفرحة وتقوى العلاقة بينكم أكثر؟ أحياناً يتسبب نجاحك في الحياة بفقدك لأشخاص تحبهم لأن نجاحك يثير غيرتهم وحسدهم.

لا تكن ذلك الناقم على من هو أفضل منك منصباً أو علماً أو مكانة اجتماعية بل كن ذلك الراضي بما تحققه وبما حققته في حياتك من إنجازات ولا تحتقر عملك ومنزلتك واعلم أنه لا يوجد إنسان بلا قيمة وليس له تأثير فكل منا له دوره في الحياة، اعترف بأن لكل ذي حق حقه ولا تسخط على الآخرين، فإياك أن تكون من أصحاب العين الضيقة أولئك الذين يظنون أن أرزاق غيرهم تنقص من أرزاقهم وسعادات غيرهم تأخذ من رصيد سعادتهم ونجاحات غيرهم تعني فشلهم، واعلم بأن لكل إنسان في هذه الحياة رزقه المقدر ودربه المكتوب وقدره المحتوم وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، فأظلم الناس قلباً الذي ينقبض عند فرح غيره ويضيق صدره باتساع نعمة الله على أخيه وما طابت حياة بمثل صفاء القلب ونضارة الطفولة الضاحكة التي تهزج بأغاريد السعادة والصفاء، ولا يكون هذا إلا بقلب عرف ربه ورضي به وعاين الدنيا وعرف حقيقتها وحقيقة المتصارعين عليها ومآلهم، فالحاسد تعينه الشياطين بلا استدعاء منه للشيطان لأن الحاسد شبيه بإبليس وهو في الحقيقة من أتباعه لأنه يطلب ما يحبه الشيطان من فساد الناس وزوال نعم الله عنهم، كما أن إبليس حسد آدم لشرفه وفضله وأبى أن يسجد له حسداً فالحاسد من جند إبليس.

يعيش بيننا أناس يعانون من مشكلات نفسية لا يشعرون بوجودها وهم بحاجة ماسة للعلاج النفسي حتى لا يؤذوا أنفسهم ويضروا غيرهم ويخسروا آخرتهم.. هناك أخطاء تقع في طريقة تفكير بعض الناس تجعلهم يحسدون الآخرين ومع تعديلها سيتخلصون من الحسد بإذن الله.