صيغة الشمري
تهتم الدول عادة بوضع خارطة استثمارية لتشجيع المستثمرين الأجانب والمحليين لإقامة مشاريعهم في مناطق تتمتع بمزايا استثمارية دون غيرها من المناطق، لكن وزارة المالية السعودية ذهبت أبعد من ذلك حين نظمت «جولة السعودية» مصطحبة المستثمرين الدوليين للاطلاع بأم عينهم على المشاريع الكبرى المرتبطة برؤية 2030 وعلى الفرص الاستثمارية الضخمة في محطات الجولة التي شملت لهذا العام جدة ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية وميناء الملك عبدالله والعلا ومشروع البحر الأحمر بالإضافة للعاصمة الرياض مركز الملك عبدالله المالي وبوابة الدرعية.
هذه الخطوة والجهد الاستثنائيان لوزارة المالية تسهم في جذب الاستثمار الحقيقي والجاد الذي يثري الاقتصاد الوطني، بعيداً عن التشجيع الإنشائي الذي عادة ما ينفق عليه مئات الملايين قد تبددها تقارير مسمومة عن المملكة تدفع المستثمرين للتردد انطلاقاً من قاعدة «رأس المال جبان».
من جانب آخر اصطحاب الإعلام للاطلاع على سير العمل في المشاريع الكبرى يبعث رسائل طمأنينة للداخل والخارج بأن رؤية 2030 تسير وفق المخطط له رغم كل ما يحيط بنا من تحديات عالمية فرضتها بعد الجائحة، الحرب الروسية الأوكرانية وإعادة تموضع الاقتصاد العالمي، والرسالة الأهم للمستثمرين مفادها أن ثمة خياراً آمناً في الجانب الآخر من العالم، يمكنهم الاطمئنان على أموالهم فيه دون قلق أو خوف من التحولات والإرهاصات التي تعصف بالاقتصاد العالمي.
وبهذا النسق، لن نتفاجأ حين تتحول المملكة لمحور ومحرك الاقتصاد العالمي، وهذا ما أشرت إليه القمم السعودية الخليجية العربية الصينية التي استضافتها الرياض والتي ستشكِّل حتماً نقطة تحول تاريخي في مكانة وأهمية ومركزية القرار السعودي.
يبقى أن أشير إلى أن «جولة السعودية» امتازت في هذا العام بالتنوّع الذي حملته محطاتها مثل الابتكار والريادة والتعليم والموانئ والخدمات اللوجستية والصناعة المحلية والتراث الوطني، والحقيقة إنها محطات مدهشة للسعوديين قبل غيرهم، فنحن نكتشف وجهاً آخر لبلادنا وأتمنى أن تتبع وزارة التعليم خطى وزارة المالية بأن تنظم جولات مماثلة للطلبة في المدارس والجامعات، فمن حق هذا الجيل علينا أن نجعله يفتخر بوطنه ويعرف حجمه الحقيقي وقدرته على إبهار العالم، بل وقيادته.