عمر إبراهيم الرشيد
كتبت صحيفة يديعوت احرونوت (آخر الأخبار) العبرية في صدر صفحتها الأولى (أدركنا في قطر مدى كراهية العالم العربي لإسرائيل). أعتقد أن الرسالة وصلت مادامت صحيفة كهذه تصدر من تل أبيب منذ 1939م، قد أيقنت مدى اشمئزاز العرب بمجرد علمهم بجنسية مراسل يرغب في إجراء مقابلة ميدانية مع أحدهم في الدوحة خلال كأس العالم.
وقد كتبت كما كتب غيري بأن مصر على سبيل المثال وهي أول الدول العربية إقامة علاقة دبلوماسية مع اسرائيل، لم يستطع الإسرائيليون تطبيع العلاقة مع الشعب المصري بكافة أطيافه ونقاباته ومؤسساته المدنية، ونفس الحال ينطبق على الأردن وغيرها من الدول التي فتحت سفارة لها في تل أبيب.
فهل كان الإسرائيليون بحاجة لمثل هذا الرد الشعبي على الهواء مباشرة ليتيقنوا من رفض الشعوب العربية لمنحهم علاقة طبيعية كغيرهم من الشعوب؟ هذا مابيّنه عنوان تلك الصحيفة مع صدمة واضحة بل وغير متوقعة لهكذا رد عفوي وطبيعي لاتصنّع فيه. ألم تضرب حكومة الاحتلال بمبادىء حقوق الإنسان عرض الحائط، التي يصرخ بها الغرب علينا آناء الليل وأطراف النهار بينما يسكت ويجبن أمام (إسرائيل) وهي تعربد في فلسطين المحتلة تقتيلاً وتهجيراً.
وإن جاء من يتحدث عن قوة (إسرائيل) وتفوقها على محيطها العربي فلا يستطيع أحد اتسم بالموضوعية ولغة العقل إنكار ذلك، قياساً بحجم براءات الاختراع والصناعات العسكرية والتقنية وغيرها. لكن هل تقوم الدول فقط على هكذا إمكانات مادية، دونما حاجة إلى قيم وأخلاقيات تبقي هذه الموارد وتقوي الدولة وتحميها من التفتت والانهيار؟.
نظرة إلى التاريخ وتقليب صفحاته تعطي الإجابة سريعاً، فممالك قامت وإمبراطوريات لاتغيب عنها الشمس فأين هي وكيف أصبحت الآن؟ ونظرة إلى بريطانيا التي زرعت دولة الاحتلال في قلب العالم العربي وكيف أصبحت تبدل حكومتها في أقل من شهرين، كعلامة تخبط سياسي حتى لو حاول أحدهم إقناعنا بأن هذا من لوازم اللعبة الديمقراطية التي وصفها رئيس وزرائهم ونستون تشترشل بأنها، أي الديمقراطية، هي أسوأ أشكال الحكم.
دولة الاحتلال والاختلال إن شئتم تحصد ماتزرع وتلقى بعض نتائج أفعالها على هيئة رفض من قبل عقلاء شرقاً وغرباً وإن كانت أصواتهم خافتة بسبب مواقفهم، وسوف تترى باقي الردود والنتائج لسياساتهم سواء في فلسطين أو في العالم، وإن غداً لناظره قريب والله غالب على أمره.