إيمان حمود الشمري
غادرتُ الصين في الثاني من ديسمبر ولكنها لم تغادرني، تنتشر الأعلام الصينية في الطرقات محاطة بأعلام دول عربية ترفرف في شوارع الرياض، متأهبة لاستقبال فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ في العاصمة الرياض الذي شرفنا بزيارة كان لها أثر بالغ على الصعيد الداخلي والدولي، هذا اللقاء الذي حظي بترحيب حار بدأ من السماء قبل أن تهبط طائرة فخامة الرئيس، حيث رافقت طائرته ثلاث مقاتلات سعودية وطائرات من فريق الصقور للاستعراض الجوي رسمت العلم الصيني في سماء المملكة، إضافة إلى 21 طلقة مدفعية في المطار. استقبال مهيب للحليف الإستراتيجي للمملكة العربية السعودية يبشِّر ببداية واعدة بين البلدين.
الصين بلد تجمعنا به تصورات مشتركة، وهذا ما لاحظته أنا شخصياً في زيارتي للصين من حيث اهتمامها بالطاقة النظيفة والصناعة وجذب الاستثمارات الكبيرة، حيث وجدت تشابهاً كبيراً بين خطوات الصين ورؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وجاءت هذه الزيارة لتعزِّز هذا التناغم بالرؤية بين البلدين لينتج عن ذلك تبادل مصالح مشتركة بين البلدين، شراكات متعددة واتفاقيات وتعميق العلاقات بين الصين والسعودية وباقي الدول العربية.
ثلاث قمم ترعاها المملكة العربية السعودية، سعودية، خليجية، عربية لتحقق مفهوم التعاون بين الصين والشرق الأوسط، وذلك يدل على حرص المملكة على التكاتف وتوحيد الصف العربي، فالمملكة لا تبحث عن مصالحها فقط وإنما تؤمن إيماناً كاملاً بأهمية العصبة واليد الواحدة لتحقيق تعاون يعود بالنفع على الجميع وتحقيق أكبر استفادة عربية، فكان أهم ما تم تسليط الضوء عليه، وضع خطة إستراتيجية لمبادرة الحزام والطريق، وإبرام اتفاقية تجارة حرة بين دول مجلس التعاون والصين لتحقيق الانتعاش الاقتصادي والتبادل التجاري.
ومن الجانب السياسي صدر بيان سعودي صيني تضمن عدة نقاط كان من أبرزها أن السعودية تدعم سياسة الصين الواحدة، والصين تدين التدخل في الشؤون الداخلية للسعودية، إضافة لإعطاء الأولوية للعلاقات السعودية الصينية في علاقتهما الخارجية، ودعم كل جانب للآخر للحفاظ على أمنه وسيادته.
زيارة صدحت أصدائها في العالم نتج عنها مكاسب سياسية واقتصادية كبيرة جداً، شملت توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم حكومية ومبادرات لتعميق التعاون الاستثماري بين البلدين. زيارة بالتأكيد لم يكن الهدف منها تشكيل تهديد لأي جانب غربي بقدر ما هي تأكيد على تعاون بين قوتين عربية وصينية، قد ينعكس أثرها على علاقة الدول الأخرى بهما!