م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - قضيت أربعة أيام من الأسبوع الماضي في إسطنبول، ولم تكن الزيارة الأولى لي لكن زياراتي لها كانت متباعدة.. أول مرة زرتها حينما كانت الليرة التركية تساوي ريالين ونصف، وآخر مرة كانت الليرة التركية في حدود عشرين هللة، أي أن الليرة التركية أصبحت تساوي (8 %) فقط من قيمتها قبل عشر سنوات.
2 - في زيارتي هذه، كان الفقر ظاهراً على وجوه الناس، وتدني مستوى الخدمات بشكل كبير، لا يليق ببلد يعتمد على السياحة.. وظهر ذلك في عمليات الاحتيال في الأسعار، فأكبر هَمٍّ للبائع أو من يقدم الخدمة هو كيف يأخذ منك أكبر مبلغ ممكن بغير حقه.. كما ظهر في تصرفات سائقي التاكسي ونادلي المطاعم، وخدمات فنادق الخمس نجوم.
3 - الأكثر غرابة هو إعلان الحكومة التركية أن الزائر ليس في حاجة إلى تأشيرة دخول، وأن بإمكانه الحصول عليها في المطار.. وحينما تصل وتأخذ دورك في زحمة الجوازات تكتشف أنك لا بد أن تأخذ تأشيرة دخول لكن في مكان آخر في المطار.. فتذهب للمكان المعلوم، وبعد أن تأخذ دورك الطويل يقولون لك إنهم يقبلون فقط من العملات الدولار أو اليورو وليس أي عملة أخرى بما في ذلك الليرة التركية.. تقول لهم: حسناً، لدي بطاقة ائتمانية، حينها يوجهونك إلى طابور آخر للسداد، وبعد انقضاء الأمر تعود من جديد لطابور الجوازات الطويل، ثم تخرج منه إلى مكان استلام الحقائب، تحمل حقيبتك وقد تكأكأ عليك عشرات الحمالين، تتركهم وتخرج من المطار تبحث عن تاكسي فلا تجد.. وأخيراً تجد طابوراً آخر فتنتظر التاكسي الذي يأتي ولا يأتي، ثم إذا أتى ونقلك إلى الفندق فسوف تدهش لتضارب الأسعار، فالرحلة من المطار إلى الفندق ضِعْف قيمة الرحلة من الفندق إلى المطار؟!
4 - تضارب الأسعار في إسطنبول لا يقتصر أمره على التاكسي، بل يتجاوزه تقريباً إلى كل شيء وتحديداً المطاعم، فذات الطلب في ذات المطعم اليوم بسعر واليوم التالي بسعر آخر، الفارق هو اختلاف الجرسون! وبقدر ما أن هذه مشكلة تثير السائح وتشككه في أنه تعرض لعملية احتيال، إلا أن الأسوأ هو سوء الخدمة، ليس لقلة عددهم، لكن لسوء التدريب، وما يحملونه (فيما يبدو لي) من مشاعر الغيظ تجاه رواد المطعم القادرين على الدفع خصوصاً إذا كانوا من السائحين.
5 - وضع تركيا اليوم مجتمعياً ليس مبشراً، وهي اقتصادياً في حالة تدهور سريع مؤلم، أما إسطنبول فهي تعاني من اكتظاظ شديد، واختناق مروري يبدأ من الظهر حتى منتصف الليل، المشكلة أنه لا يبدو أن هناك أملاً في الأفق لحل على مستوى المجتمع أو المدينة.