عثمان بن حمد أباالخيل
السفر مع الآخر يكشف عن أخلاق الإنسان وطباعه، وفي السفر يظهر على حقيقته هل هو بخيل أم شحيح أم غير ذلك؟ والشح هو البخل بالموجود، والحرص على المفقود، فالشحيح حريصٌ على طلب الزيادة، أما البخيل ثمرة الشحِّ، والشحُّ يدعو إلى البخل، والشحُّ كامن في النفس. كفانا الله الشح والبخل. الكثيرون يعتقدون أن البخل بالمال وهذا ليس صحيحاً للبخل ألوان وأشكال وصور، من صور البخل، بخل بالعلم، وبخل بالطعام، وبخل بالسلام، وبخل بالكلام، وبخل على الأقارب وهناك بخل أشد وأبغض هو بخل العواطف والمشاعر والحب وهذا ما يدمر الإنسان ويعكر صفاء وجفاف وتصحر حياته. البخل العاطفي حيث لا يستطيع الإنسان التعبير عن مشاعره لمن حوله، فالأم البخيلة لا تعبر لأبنائها عن مشاعرها، والأب البخيل يتردد في التعبير عن عواطفه كذلك حتى في العلاقة الأسرية بين الإخوان والأخوات فالتردد هو عنوان العلاقة العاطفة.
لا شك أن البخل عاهة في النفس والسلوك وهناك من يبخلون بحسن أخلاقهم مع الناس، بخلاء الأخلاق الحسنة بخلاء الابتسامة والبشاشة لا تراه إلا عابساً متجهماً بوجهه مع الجميع؛ بخيل في مشاعره وحبه لمن هم حوله فالجميع ينفر منه ومن معاملته الغليظة وما أكثرهم هنا وهناك وفي كل مكان. وقمة البخل بخل الإنسان على نفسه بفعل الخيرات وكسب الحسنات.
كم هو قاسٍ ذلك الزوج الذي يبخل على زوجته، وتلك الزوجة التي تبخل على زوجها بإسماعه كلمات الثناء والشكر والعواطف هل نهر الحب نضب أم هي قلوبنا تجمدت وتصحّرتْ؟ على ظاهر الحديث: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي أهله: زوجته، وأمه، وأبوه، وأولاده، كلهم أهله، يعني: يحسن إليهم، وينفق عليهم، أفضل من الأجانب، والبعيدين.
نعم. نحن بحاجة إلى أن نتأسى بأخلاق نبينا صلى الله عليه وسلم في حياته الزوجية. للأسف هناك أزواج كرماء خارج البيت بخلاء داخل بيوتهم خصوصاً على زوجاتهم، الزوجة لا تريد مالاً ولا طعاماً هي تريد حسن خلق ورقياً واحتراماً والتقدير ويعاملها بمعني الرجولة الصحيحة وليست الرجولة المغلوطة. هذا الزوج عنوان تصرفه هو بخيل في بيته.. كريم على غيره. (البخلاء جمال عطشانة، والمياه محملة على ظهورها) مصطفى لطفي المنفلوطي.
هل البخيل يمكن أن يغير من سلوكه أم هي صفة محفورة في داخلة لا يمكن تغيرها؟ البخل كما هو معلوم سلوك إنساني معقد ومتشابك يتكون من العديد من الانفعالات والدوافع النفسية والاجتماعية والاقتصادية. لكن البخل كسلوك يمكن تغييره حين يملك الإنسان إرادة قوية وتعديلاً في الأفكار لكن هل الطّبع يغلب التطبُّع فعلاً؟ والطبع عند علماء النفس هو: مجموعة مظاهر الشعور والسلوك المكتسبة والموروثة التي تميز فرداً عن آخر. «الراجل ما يعيبوش إلا جيبه» مقولة شعبية عند إخواننا المصريين نسمعها كثيراً، تجعل المال أول ما يخطر ببالنا حين نسمع عن أن عيب الرجل هو البخل في المال أين المشاعر الإنسانية هل جفت أم جفت عند الجميع فما عاد لها مكان في حياتنا؟