د.أحمد بن عثمان التويجري
يحق لجميع العرب الافتخار بما أنجزوه في مونديال كأس العالم هذا العام، ابتداءً من قطر التي أهنئها على نجاحها الباهر في استضافة المونديال وتنظيمه الذي عدّته الفيفا بالإجماع أنجح وأفضل مونديال لكأس العالم في التاريخ، كما أهنئها على جعلها الإسلام والتعريف به والدعوة إليه العلامة الفارقة فيه. وعلى مستوى المنتخبات أهنيء المنتخب القطري على أدائه القوي رغم ما تعرض له من هزائم، وأهنيء المنتخب السعودي الذي حقق بفوزه على منتخب الإرجنتين أهم حدث وأكبر مفاجأة في تاريخ المونديال وكان مؤهلاً لبلوغ مراحل متقدمة، كما أهنيء منتخب تونس الذي حقق نصراً تاريخياً على المنتخب الفرنسي المرشح للفوز بكأس العالم، وأخيراً وليس آخراً أهنيء أسود الأطلس أبطال المنتخب المغربي الذين هزموا أربعة منتخبات من أقوى المنتخبات العالمية وبلغوا ربع النهائي بجدارة وكانوا مؤهلين لبلوغ القمة والفوز بكأس العالم لولا ما تعرضوا له من إجحاف شنيع من قبل حكم مباراتهم مع فرنسا، ذلك الإجحاف الذي كان واضحاً وضوح الشمس في رابعة النهار ووثقته آلات التصوير من جميع الجوانب، وانتقده المحللون الرياضيون في كل مكان، كما أهنئهم بفوزهم بأجمل وأشرف لقبين يمكن أن يفوز بهما أي منتخب، وهما لقب «منتخب الساجدين» و لقب «منتخب المرضيين»، فلهم وللشعب المغربي العزيز أهدي هذه الأبيات:
لَمْ تُهْزَمِ الأُسْدُ لَكنْ أَجْحَفَ الحَكَمُ
والعُجْم لا تَرتَضي أنْ يُهزَمَ العَجَمُ
أبلَى الأُسُودُ بَلاءً لا نَظيرَ لهُ
فما استَكانوا ولا كَلَّتْ لَهُم هِمَمْ
تَسَيّدوا السَّاحَ لَم تَفْتُرْ عَزَائمُهُمْ
وأبْهَجُوا أُمَّةً بالحَقِّ تَعْتَصِمُ
وَحَسْبُهُمْ أنَّهُمْ لِلِّهِ قَدْ سَجَدُوا
وأنّهَا بِهِمُ قَدْ فَازَتِ القِيَمُ
لقد كان المونديال عرساً لوحدة الشعوب العربية والإسلامية أظهر بجلاء أن رابطة الإيمان أقوى من كل رابطة، وأن كل ما فعلته قوى الاستعمار لتقطيع الروابط والصلات بين الشعوب المسلمة لم يفلح، ففي أعماق كل مسلم ولاءٌ لأهل الإيمان وشعور أصيل بالأخوّة الإيمانية، وصدق الله العظيم القائل في محكم كتابه: «وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُم أُمَّة? وَحِدَة وَأَنَا رَبُّكُم فَاتَّقُونِ»، والقائل: «إِنَّمَا المُؤمِنُونَ إِخوَة»، والحمد لله من قبل ومن بعد.