رضا إبراهيم
عمل الحوثي على شحذ خطابه الطائفي السياسي، كما عمل أيضاً على إحياء تقاليد العنف والتمرد والخروج عن القانون.
ومع بدء الحرب الثانية في مارس 2005م بين النظام اليمني وجماعة الحوثي، ومع توالي الحربين الثالثة والرابعة، قدمت السعودية أشكالاً متعددة من الدعم للنظام اليمني أثناء حروبه ضد تلك الجماعة الإرهابية، وتشجيع التيار القبلي، على الانخراط ومساندة النظام، لكنها نأت بنفسها عن مواجهة الحوثي مباشرةً، ووثوقها بقدرة النظام اليمني على إخماد تمرد الحوثي.
وفي سبتمبر 2009م أعلنت السلطات اليمنية عن ضبطها سفينة إيرانية محملة بالأسلحة، كانت في طريقها لدعم الحوثي، لكن طهران نفت تلك الاتهامات، وهناك ما يؤكد أن الصراع باليمن والذي أشعل فتيله الحوثي، هو عبارة عن حرب بالوكالة لصالح إيران، فولاء الحوثي لإيران كان يتم بشكل أكثر وضوحاً مع الثناء علي قادتها، وأعتبر الحوثي أن إيران هي مثله الأعلى، وكمكافأة علي ذلك الولاء لنظام إيران الشيعي أصدرت الحوزة في كلاً من (النجف وقم) بيانيين يتضمنان الوقوف إلى جانب حركة الحوثي والدفاع المستميت عنها، واعترضا أيضاً على أعمال الحكومة اليمنية، بعد قيامها بوقف تمرد الحوثي والتصدي له، مطالبين بضرورة حرية حركة الشيعة الاثني عشرية في اليمن.
وهي حركة يرى علماؤها حسب مذهبهم أن للمهدي المنتظر ثورات تمهيدية عديدة تكون في فترات سابقة لفترة ظهور المهدي المنتظر عندهم، وتأكيداً على ذلك يزعم الباحث الشيعي الإيراني علي الكوراني، بأن قائد تلك الثورة من ذرية «زيد بن علي» وأن هناك روايات تذكر أن اسمه حسن أو حسين، وسوف يخرج من اليمن من قرية تسمى (كرعة) الواقعة على مقربة من صعدة، وبذلك تكون الرؤية قد اتضحت تماماً بأن الحوثي أخذ قدراً كبيراً من الاهتمام الإيراني، وبالأخص بعد ما سيطرت قوات الحوثي على العاصمة اليمنية صنعاء في شهر سبتمبر من عام 2014م.
وعلى الرغم من خوض الحوثي في صعدة ست معارك ضد الدولة اليمنية في الفترة التي ما بين عامي (2004 - 2010م) لكنه خلال تلك الفترة كان هو الطرف الأضعف عدةً والأقل عدداً، لكن الثورة التي اندلعت بداية عام 2011م ضد الحكومة، كان لها بالغ الأثر في تغيير طبيعة الحراك السياسي بالبلاد وبشكل كبير، ما دفع الحوثي إلى الظهور مع تلك الأحداث رغبة منه في الاستفادة من وهن أجهزة الدولة من ناحية، ومن الصراع السياسي الداخلي المستعر بين الأطياف المختلفة من ناحيةً أخرى، فقام بتوسيع نشاطه وتحالفاته المجتمعي مثلما عمل تماماً حزب الله في لبنان، وقام الحوثي بالسيطرة على مزيد من شمال البلاد، والتي شملت محافظة صعدة كلها، وما لبث أن قام بنشر نقاط للتفتيش وجمع الضرائب وإدارة الجهاز القضائي، وسير شئون الإدارات الحكومية المحلية، ما جعل منه دولة داخل الدولة.
وفي أغسطس عام 2014م استثمر الحوثي المظاهرات التي خرجت من صنعاء للاحتجاج على رفع أسعار النفط ومشتقاته، وأعلن عن نفسه كقوة ناشئة مطالباً بالمشاركة بالسلطة والاعتراف بوجوده، مع تمدد نفوذه الفعلي خارج معاقله التقليدية، وتوسعه جنوباً عقب سيطرته على محافظة (عمران) عند ذلك ظهر استفحال جماعة الحوثي الإرهابية باليمن، واتضاح نواياها في الاستيلاء على دولة اليمن وكافة مقوماتها.
عندها سارعت الرياض إلى إنشاء (التحالف العربي) وأطلقت عاصفة الحزم، بهدف إعطاب وتدمير فكر إيران ومسارها الشيعي المدمر في اليمن، كما جاءت وقتها تأكيدات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، بأهمية الوصول لحل سياسي جذري للقضية اليمنية، وقطع دابر تنظيم الولي الفقيه من اليمن كلياً.
وفي بداية يناير عام 2015م استكملت جماعة الحوثي انقلابه بوضع رئيس الدولة والحكومة تحت الإقامة الجبرية، بعد أن رفض الرئيس عبد ربه منصور هادي تعيين أحد قادة الجماعة نائبا له، ما نتج عنه العديد من التداعيات المتسارعة، منها تقديم الرئيس منصور استقالته في الحادي والعشرين من يناير 2015م، وفي السادس والعشرين من مارس نفس العام نفذ التحالف العسكري العربي بقيادة الرياض أولى ضرباته الجوية باليمن دعماً للحكومة اليمنية، وفي بداية التدخل العسكري العربي، نجح التحالف بجمع (9) دول عربية تحت قيادة سعودية، ونجح التحالف في وقف زحف الحوثي جنوباً وشرقاً.
وفي الثالث عشر من أكتوبر عام 2022م دعت السعودية عبر مندوبها لدى الأمم المتحدة الدكتور «عبد العزيز الواصل» المجتمع الدولي إلى إعادة النظر في جماعة الحوثي، مؤكداً على أن الوقت قد حان لتصنيف تلك الميليشيات كـ(مجموعة إرهابية)، وضرورة مقاطعتها وتجفيف منابع تمويلها، وجدد الواصل تأكيد استمرار السعودية في دعم الجهود الدولية لإحلال السلام باليمن، وحق بلاده في الدفاع عن نفسها، في حال عادت تلك الميليشيات إلى مهاجمتها مجدداً، كما شدد الواصل على أن الرياض لن تدخر أي جهد لردع هذه السلوكيات العدائية ضدها، ووصف الواصل سلوك الجماعة، بأنه غير مفاجئ لمن يعرف طبيعة هذه الميليشيا الإرهابية المتطرفة، والتي تتخذ شعب اليمن رهينة وتتحكم بمصيره، وتعرض كل الأجيال اليمنية لمخاطر الحروب والصراعات المسلحة.
وزاد الواصل بأن جماعة الحوثي بذلك تضع مصالحها الأيديولوجية المتطرفة فوق كل اعتبار، ما يؤدي لاستمرار تهديد استقرار اليمن وأمنه والمنطقة بأسرها، ويحول دون التوصل إلى حل سلمي شامل باليمن، وبعد استنفاد الجهود ورفض ميليشيات الحوثي الإرهابية كل الحلول الرامية للتوصل إلى حل سلمي، وإصراره على عدم الاستجابة للأصوات التي تنشد السلام والاستقرار لليمن، وأنه من الضروري قيام المجتمع الدولي ومجلس الأمن تحديداً، بإعادة النظر في تلك الجماعة المتطرفة التي تختطف مستقبل اليمن كله.