أ.د.عثمان بن صالح العامر
لم يكن يدور في خلدي أن يشرفني فضيلة الشيخ زيد بن عبدالعزيز بن فياض رحمه الله بتدوين اسمي وتخليد زيارتي له في مذكراته التي طبعتها مشكورة دارة الملك عبد العزيز، وكنت أظن أن ما جمعني به قد صار في طي النسيان، حتى اتصل بي زميل عزيز وصديق وفي يستفسر عن معرفتي بالشيخ زيد، وسر هذا اللقاء الذي عرفه به صديق له اطلع على المذكرات وقرأ ما نص عليه الكاتب من أنني (من أهل حائل).
بصدق مفاجأة جميلة سرتني وأسعدتني كثيراً خاصة بعد أن اطلعت على ما كتبه رحمه الله عن لقائي به لقاءات عدة ولساعات طويلة، وتسجيل عنه كل ما يعرفه عن سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله.
لقد مضى على هذه اللقاءات التي شرفت بها أكثر من خمسة وثلاثين عاماً، حيث أرخ رحمه الله لأحدها بيوم الاثنين 16/ 1/ 1409هـ، حينها كنت طالباً في مرحلة الماجستير، وقد سجلت موضوعاً للحصول على هذه الدرجة العلمية عنونته (مدرسة الشيخ محمد بن إبراهيم وأثرها على الحركة العلمية والثقافية في المملكة العربية السعودية).
شعرت وأنا أتحدث مع الشيخ زيد في ضيافته ببيته المتواضع أنني بحضرة نموذج فريد من الرجال، جمع الله له الفضائل كلها، دماثة في الخلق ورقي في التعامل، جود وكرم، تواضع وبساطة، وفوق هذا وذاك اتساع في الأفق، وعمق في التفكير، وبراعة في التحليل، وجزالة في اللفظ، وقوة في العبارة، ودقة في المعلومة، واهتمام وحرص على التوثيق، يزين هذا ويجمله ديانة باتزان وتوسط، وإنسانية بتقدير ومحبة واحترام.
شعرت وأنا أحاول أن أعيد الذكريات لحظة كتابة هذا المقال أن استرجع معالم بيت الشيخ رحمه الله، المكان الذي جلست فيه معه، جهاز التسجيل الصغير الذي اصطحبته معي لكي احتفظ بكل كلمة يقولها، المرة الأولى التي تعرفت فيها على فضيلته وقد جيئت بمعية استاذي المفضال الدكتور حمد بن عبد الرحمن الجنيدل رحمه الله، حاولت وأنا اتفرس بصورة الشيخ زيد من خلال الشبكة العنكبوتية أن أتذكر لغة جسده، ملامح وجهه وهو يسرد لي جميع الأحداث والمواقف التي كانت له في حياته خاصة ما كان منها مع سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله.
إن وجود اسمي في مذكرات الشيخ الشخصية وأنا من أنا إزاء هذا الرائد العلم، وأنا من أكون في حضرة هذه القمة العلمية والأدبية والثقافية والإعلامية شرف اعتز به وافتخر فشكراً لفضيلة الشيخ على أن دون ما نسيت وبين ما حدث ورحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وإلى لقاء والسلام.